الصعود من قعر الهاوية ..!
بقلم العميد منذر ألأيوبي*
بعد توقعات و تحذيرات من خبراء و اقتصاديين ذوي باع في العلوم المالية و المصرفية على مدى سنوات حطت الكارثة أخيرآ رحالها ملقية بالوطن الصغير في اسفل الهاوية موصلة شعبه الى درك المجاعة او يكاد ..! نفض الجميع يدهم سريعآ من مسؤولياتهم و أداءهم و فساد بعضهم يتبارون في تبادل التهم جزافاٍ سواء مباشرة من قبل رجالات الصف ألأول أو جهارآ عبر أنصار و مؤيدين كما أستعين ب “الذباب الإلكتروني” من قراصنة الفضاء السيبيري و أصحاب حسابات وهمية رشقوا بعضهم البعض بأقذع النعوت و أكثرها قباحة حتى باتت وسائل التواصل الاجتماعي منصات قنص لا اخلاقي غير مسبوق ..!
أتت ثورة 17 تشرين 2019 لترسم مشهدًا مختلفآ تبلور وعيآ شعبيآ رافضآ نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة يوم اسقط أهل البلد في صندوقة الاقتراع لائحة ما اختاروا من مرشحين صبت في معظمها لصالح التجديد للطاقم السياسي الموجود المعهود على تنوعه حزبيآ ، إقطاعيآ ، طائفيآ و متمولين لكنهم سرعان ما صدموا بالوعود التي تبخرت و الأحلام الوردية التي رُسمت و روج لها في خداع غير مسبوق لكن مكرر متوقع ..!
كما أظهرت هذه الثورة رغم محاولات متعددة لشيطنتها قدرة على التفاعل و شكلت مرآة عاكسة لفقدان المواطنين ثقتهم ألنهائية بالدولة و مؤسساتها و مسؤوليها ..!
من جهة أخرى ؛ شكلت إستقالة حكومة الرئيس سعد الحريري أولى نتائج الحراك الشعبي تاليآ و في محاولة جهيدة لتشكيل حكومة جديدة من تكنوقراطيين آو مستقلين نسبيآ برئاسة الحريري مجددآ بألتوازي مع إلحاح غير معهود سابقآ من قبل الموالاة و المعارضة كان الرفض من قبله جوابآ مع سبق الإصرار و التصميم .. !
في خضم مشاورات و تسميات لشخصيات حيادية أو مقبولة تختلف عن ألأربعة أعضاء نادي رؤساء الحكومات المعروفين برز من بين الجموع رجل هو اليوم رئيس الحكومة حسان دياب ، و بغض النظر عمن صوت مع أو ضد تكليفه كذلك بين من سعى لوضعه أو اعتباره صنيعة أو تابعآ على الأقل لهذا الفريق أو ذاك سواء عن حق أو عن غير حق الا ان الرئيس العتيد اظهر صلابة مقرونة ببرودة اعصاب بوجه ما تعرض و يتعرض له من الأقربين قبل الأبعدين كما انتهج مسلك المصارحة مع الناس سبيلآ وحيدآ لا ثانٍ له كاشفآ عن الحقيقة المرة و مآل الحال برهانآ غير مصطنع عن شفافية ملموسة ..
بألتزامن مع تفشي وباء “كورونا” شكل الانهيار النقدي و التقلص الهائل و الغير مسبوق لقيمة العملة الوطنية إزاء الدولار الاميركي القشة التي قصمت ظهر البعير فدب ألذعر و عم الخراب كما فاقم من ترددات الانهيار تهريب او تحويل الاموال الى خارج البلاد لا سيما من قبل اصحاب المصارف و مجالس اداراتها و نافذين لِمبالغ تتعدى ارقامها الثمانية أو تسعة اصفار ألأمر الذي رفع منسوب و صدقية نظرية المؤامرة بحق الوطن و تموضعه ألجيوسياسي ألحساس و بألتالي سلب أموال المودعين من كادحين، اجراء، ارباب عمل، موظفين و شرائح اجتماعية أخرى ..
اخذ رئيس الحكومة وقته المقبول مستعجلآ دون تسرع في دراسة و وضع خطة اصلاحية اقتصادية مرنة أقرها مجلس الوزراء اليوم و هي في قراءتها الأولية تعتبر اولى درجات سلم الصعود من الهاوية ..!
في سياق متصل ، إتكأ الرئيس دياب من منطلق الصلاحية القانونية و الدستورية على قيادة الجيش كما حصن دورها الوطني الجامع و هي المنزهة عن ألساسة و السياسيين و عن رغباتهم و ذلك لضمان ألإمساك بألوضع الامني ذو الخطورة العالية بعد تلمس اصابع الفتنة و أدوار مشبوهة لاجهزة مخابراتية عدة تعمل على تجييش الشارع كذلك تأجيج و تشجيع اعمال الشغب من ضمنها الاعتداء على الممتلكات العامة و الخاصة وصولآ مؤخرآ الى استهداف متعمد للقوى الشرعية و على رأسها الجيش اللبناني وفق أمر عمليات صادر عن جهات متعددة محلية و خارجية مموهة لكنها معتلمة بألرصد المفترض ..!
ماذا بعد ..؟ من الواضح ان الرئيس دياب سيشق طريقه بجدية و قناعة راسخة مع رغبة اكيدة في اخراج البلاد من قعر الهاوية و مما قاله في تصريحه اليوم بعد جلسة مجلس الوزراء عبارة فيها من الوجدانية لا الشعبوية الكثير لامس فيها رجاء اللبنانيين تختصر الواقع المؤلم “أدعو جميع اللبنانيين إلى إعتبار هذا اليوم نقطة تحول لمستقبل أفضل لبلدنا لن يكون الطريق أمامنا سهلاً، لكن تصميمنا وتفاؤلنا، سيساعداننا على تجاوز صعوباتنا حيث نتطلع إلى أيام أفضل أمامنا إذا اتحدنا جميعاً سنصل الى النجاح الأكيد الذي نراه في مستقبلنا”..! من المؤكد ان هذا اليوم 30 نيسان 2020 سيكون نقطة ألتحول ألأساسية في تاريخ لبنان الحديث لا سيما أن المواطنين سيكونون الدرع الأول بوجه المصطادين في الماء العكر و المتضررين من مسيرة الإصلاح و الإنقاذ خاصة إذا أجادت الحكومة تنفيذ ما وضعت من بنود تترجم الصعود من قعر الهاوية
و لنا في وزير الصحة الدكتور حمد حسن النموذج و المثال عن حكومة مواجهة التحديات ..!
بيروت في 30.04.2020