ال”ستاتيكو” المؤقت في الاقليم قائم، بانتظار تسلم ترامب


بقلم العميد منذر الايوبي *

ما كاد القائد العام للادارة السورية الجديدة احمد الشرع واركانه يحطون رحالهم في قصر الشعب الدمشقي، ليعُلن سقوط النظام السابق والإطاحة برئيسه الفَّار، حتى فُتح الخط الجوي الى مطار دمشق شاهدآ على زِحَام وفود ديبلوماسية رفيعة تباعآ: الاميركي برئاسة مستشارة الرئيس لشؤون الشرق الاوسط بربارا ليف، الاردني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية ايمن الصفدي، التركي يرأسه مدير الاستخبارات سابقآ ووزير الخارجية حاليآ حقان فيدان، القطري وزير الدولة بوزارة الخارجية محمد الخليفي، الايطالي مدير منطقة الشرق الأوسط والتعاون الدولي ماوريتسيو غريغانتي، وفد حكومي سعودي برئاسة المستشار في الديوان الملكي. العنوان الموحد لهذه اللقاءات (دعم سوريا الجديدة) لكن الاهم استكشاف ومعرفة الطريق التي سيسلكها احمد الشرع في بناء الدولة الجديدة وسبل تعزيز التعاون على خلفية توجس اساسه ماضي “هيئة تحرير الشام” وقائدها والفصائل الاسلامية المنضوية تحت عباءتها.. فيما كانت المحصلة ايرانيآ انسحاب مستشاريها مع عناصر الحرس الثوري، بالتالي انقطاع العلاقة مع القيادة السورية الجديدة..!
سياقآ، لا يمكن ولم يكن سندآ لمجريات الاحداث والوقائع من امكانية لصياغة توازن استراتيجي بين محور الممانعة والمحور الغربي المواجه رغم سعي ايران اليه عقودآ؛ هذا ما تبلور بعد فشل نظرية وحدة الساحات وما حضر له العدو الاسرائيلي استخباراتيآ وتكنولوجيآ ( تفخيخ اجهزة البيجر والتوكي ووكي) لاصابة حزب الله في صميم بنيته العسكرية والتنظيمية وصولآ الى استشهاد امينه العام وكثر من اركانه..

تزامنآ، ولإكتمال المشهد سواء وفق مجريات المؤامرة (المنسقة مع ثلاث اجهزة استخباراتية اقليمية) ام لتوالي الصدف المستبعد، تمكن ابو محمد الجولاني وتنظيمه العسكري مع حلفائه من فصائل اسلامية معارضة اجتياح معظم المناطق السورية والوصول الى السلطة، في ظل انهيار سريع غير متوقع لجيش النظام له من الاسباب الكثير.. الامر الذي ثبت انهيار التوازن المفترض، إذ ان المستجد السوري ادى الى قطع اوصال المحور الايراني في إنتكاسة يصعب لحمها؛ فيما بادر سريعآ رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو إلى تملص ممارس لاتفاق آليات تطبيق القرار الاممي 1701 المتعلق بوقف الاعمال العدائية مع لبنان؛ بالتوازي مع دخول الويته المدرعة منطقة الفصل على الحدود السورية متجاوزآ منطقة عمل UNDOF (المراقبين الدوليين) مواصلآ قضم اجزاء كبيرة من الجغرافيا السورية..

في قراءة المترتبات، انحسار نفوذ طهران الى حد بعيد عن العواصم الثلاث بغداد، دمشق، بيروت بموازاة ترسيخ واستثمار الوضع الجيوسياسي للمحور الغربي في الاقليم،
اذ يبدو انه بات ذو شقين الاول رعاية تركية قطرية لسوريا الجديدة عبر توطيد علاقات استراتيجية موثقة بالابعاد الثلاث سياسيآ امنيآ واقتصاديآ، فيما الخط الآخر فرنسي سعودي يعيد ترتيب البيت اللبناني بكل تفاصيله، حيث كان سعي الاليزيه الحثيث انضمام المملكة بعد احجام الى المشاركة بفعالية في رعاية الوضع السياسي اللبناني وتشعباته تنأى به عن انقرة، لتصب في هذا الإطار زيارة قائد الجيش العماد جوزف عون الرياض ولقائه وزير الدفاع السعودي الامير خالد بن سلمان رسالة معلنة تتوازى ولو متأخرة مع زيارة عون باريس ولقائه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بحضور رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي اواخر شهر ابريل المنصرم ..

استخلاصآ تبقى واشنطن بيضة القبان مع حفاظ بالحد الادنى على الستاتيكو القائم، اقليميآ عبر وزير خارجيتها انطوني بلينكن والمستشارة بربارا ليف ومحليآ بقدرة آموس هوكشتاين والسفيرة الاميركية ليزا جونسون ذلك بانتظار تسلم الرئيس المنتخب دونالد ترامب سلطاته الدستورية، اما لجنة السفراء الخمس فلها عطلة الاعياد، ربما مع بعض نشاط مخفف..!

*عميد متقاعد، كاتب مختص في الشؤون الامنية