الرغيف .. رصاصة الرحمة !
بقلم ألعَميد مُنذِر ألأيوبي*
سأله بعد مقالته عن “ألقُمقُم” ؟ هو مواطن (ابن البلد) من مدينة طرابلس ..! قال بعد قراءة ألمقال ”
و لَعَمْريِ” – كلمة كان يستعملها ألشهيد ألرشيد – يفسرها ألنُحَّاة بمعنى يُراد به حقيقة ألقَسَم لغير ألله تعالى- جُبْتُ سوق ألنحاسين ألطرابلسي فلم أعثر على ألقُمقُم ألنحاسي يسكنه جنيَآ أو ماردآ ينقذنا ..!
ثم جُلْتُ في باقي أسواق ألمدينة (ألبَلَد) فهالني ألفقر ألعميم و ما يستتبعه من مآسي ضنين بوصفها أخذت من ألحزن مني كُلُ مَأخَذ ..! مستطردآ تابع عباراته و ألرأي ، إذا كان مبلغآ زهيدآ حاولوا فرضه رخيصآ على “ألواتس آب” أشعل شرارة ألثورة ألإنتفاضة فكن على يقين أن من يمد يده إلى رغيف ألخبز ستقطع و أن ألطحين عجينه مقدس بنكهة قربان ألمذبح و عرق ألعامة ، أما بيت ألنار (ألفُرن) أو ألمخبَز فلظاه يحرق ألجميع إن أنطفأ ، حذارِ من جوعٍ و من غَضَبٍ ..!
في علم ألإستيطان ألبشري Science Of Human Settelment تجد في أللبنانيين على تعدد شرائحهم حِكَايَةِ أصْوَاتِالمَكْرُوبِينَ والمَكْدُودِينَ والمَرْضَى لا يزالون يحملون أملآ في إنتشال مراهنين على خشبة خلاص قبل هجرة محتومة إن توفرت تمَثَلت برئيس ألحُكومَة حسان دياب ، و إذا كان قسمآ منهم مقتنعآ بإعطائه ألفرصة لَعَلَ و عسى ، فإن كثيرين ينظرون إلى ألأمر من زاوية مُرغمآ أخاك لا بطل ..! إلآخرين يمزقون ألرجل بين شارع (دانيال بلس) Daniel Bliss مؤسس ألجامعة ألأميركية وحارة حريك حيث مفاعل ألتخصيب Enrichment Reactor ألمقاوم ، لكن صلابته ألحذرة لم تكن متوقعة مع فضيلة ألصمت ألدائم ..!
ألمعارضين كثر و ألمغرضين أكثَر أحيحُهُم أنين ممدود ، يكفي أنه إقتحم بابآ موصودآ نادي رؤساء ألحكومات و هذا أمرآ ليس من ألسهولة بِمَكان في بلد ألزعامات ألتاريخية ألكيانية و ألديكتاتوريات ألمالية ألفَجِعَة و ألمرجعيات ألطائفية إضافَةً إلى خرقه ألطَبقة ألسياسية من أحزاب و تيارات مشكلآ تمايزآ إيجابيآ في شخصه
و المضمون ، لا حِزب له و لا أتباع على رجاء أن يكون لديه (خيل و مال) للوطن يهديها ..! تَصدر ألرئيس دياب ألمَشهَد ألوطني من زاوية شخصه و علمه بغض النظر عمن “سعى و إرتمى أو من ساح و ظن أنه باع و إشترى” في جلبة ألتكليف و ضجيج ألتأليف ، إذ أن إرادته ألسامية بإستخلاص “ألداحِسٍ ألقيحي” Felon من جسد ألوطن و سلوكه درب ألجلجلة أمرُ غَلَبَة عَليه يمكن ألرهان …
فُتِحَت له أبواب ألدول ألصديقة أو بقيت مواربة لا بأس بألتروي ، أليأس خطيئة و لكل ألحادثات نهايات ..!
في نجاعة ألأداء مع فُسحَة ألوقت ألمستقطع ألقصير رُبَما ينجح في زرع مداميك ألخروج من غابة ألأشواك تدريجآ و بِما تيسر داخليآ أولآ فيؤجل تاليآ إعلان ألوفاة و ألإنهيار ألوشيك ..!
رُبَما يقتنع ألخارِج عندها أن ألإرادة ألمُتَوفرة ألمتساوية مع قدرة محسوبة على معادلة منطقية إرغام ألجميع بدءآ بوزرائه في إنتهاج كفاءة مفترضة أو أوحيَ بِها بألتزامن مع مسلك ألنزاهة و ألتعفف بألتوازي مع هامِش الإضرار ألجانبية Collateral Dammage في إستِعادة ألمال ألمنهوب و ألمُهَرَب مع تكعيب Au Cube رقمي مُكَهرب في إصرار على ألمحاسبة بقوة ألقانون لا بحجة مرفوضة عنوانها ألكيدية لَطالَما أُخِذَت من ألنوايا كل مأخذ سببآ للتعثر ، كذلك في قمع ألفساد و الإفساد على رجاء ألقيامة إن ترافق ألعلاج مع ألنوايا ألصادقة ..!
إذ أن ألصلوات وحدها لا تكفي من مبدأ “إسعى يا عبدي أسعى معك” ..!
حالة ألموت ألسريري Clinical Death للوطن ألسرمدي أصبحت ثابتة بعد ألإنعدام ألفجائي لجريان ألمال في جسد ألإقتصاد مع مضاعفات إنسداد ألشرايين ألمصرفية و إلتهاب “إلغشاء ألتاموري” Pericardial membrane بأعراضه ألخليجية – ألأميركية و بألتالي إعتلال و ضعف في ألعضلة ألقلبية ألفرنسية French Heart muscle ، لكن تعذر ألجراحة لا يعني عدم إبقاءه في غرفة ألإنعاش إلى أن يقضي الله أمرآ كان مفعولآ ..
فيما يتعرض له ألوطن ألصغير من مآسي على أرزه “تكسرت ألنصال على ألنصالِ” ، أتَى وباء “كورونا” تحديآ جديدآ مفروضآ يفترض معالجات جذرية بدت متعثرة في ألكفاءة و ألوسائل ، لم ترسم إستراتيجية مكافحة وبائية و ترصد وقائي مع عزل ضروري بما يفي ألحاجة ديموغرافيآ مستقبليآ إذ لم تكن على قدر كافٍ من ألمسؤولية و ألخشية أن يكون ألأسوأ لم يأتِ بعد ..! بألمقابل و دون إيجاد ألمبررات فألقضية لم و لن تكن أجدى في ألإجراءات ألمتخذة عن غيرها من ألحكومات على ما أعتدنا و أبتلينا ..! تسييس ألوباء كارثة كبرى مرآة عار و إنحطاط ألبنية ألسياسية و ألإجتماعية ، صحة ألمواطنين فوق كل إعتبار ألتساهل خطيئة كبرى ؛ لطالما وُلِدَت ألنقمة من رحم ألأحزان ..! في إزدياد ألهلع و ألقلق عارض طبيعي لا داعٍ للتحذير منه و إن صُنف سببآ إضافيآ لإستفحال ألمرض فكيف بحالنا ألحاضرة ..!
ألمجهر مصوب حاليآ على إستحقاق أليوروبوند و وقف رذالة ألمصارف و فجورها ، لن “يأكل ألفاجر مال ألمواطن” هذا ألأمر أولى ألأولويات في ألبحث عن ألضوء آخر ألنفق ألمظلم تاليآ ألخروج من ألمتاهة ألمالية Financial Maze و جداول ألأرقام و ألتحويلات حيث تختلف ألصفحة ألأولى من ألملف في مضمونها عن ورقة ألكاربون ألتي تحتها و ما خفي أدهى و أعظم ..!
هو ألحق صنو ألحقيقة ، في 17 تشرين فرادة ثورة لشعب يتألم ، لا تزال ألسلطة متأخرة خطوات عما وصلت إليه أوضاع ألناس ألمعيشية ، سقط إلأمن ألإجتماعي بكامل أوجهه دون أن يرف جفن مسؤول .. لكن ألمس برغيف ألخبز نوعآ و وزنآ رصاصة ألرحمة تُطلَق على أللبنان ، ألرغيف يختصر ألمعاناة هو ألوطن رمزآ دفئآ شعورآ و إنتماء ،، ألراية شرف ألوطن و رغيف ألخبز كرامة ألمواطن ألإنسانية ..!
بيروت في 27.02.2020
*عميد متقاعد.
كاتب و باحث .