الخوف من الآخر .. لا يبني الوطن
بقلم العميد منذر الايوبي*
ليس للتاريخ ان يحكم او يتحكم في صيرورة الشعوب، كما لا يمكن ان يكون قارئه اعمى البصيرة، اذ ان فهم الحاضر يأتي من دروسه والعِبر.. بالموازاة هناك ما يستوجب الشجاعة والموهبة للتغيير ومنها ثقة الأمم في ملاحقة احلامها لتحقيقها..! يقول سقراط الفيلسوف “السر في التغيير ليس أن تحارب ما هو قديم بل أن تبني الجديد”؛ هنا المعرفة تستولد معنى الوجود الانساني في عمق معاناته لتخدم المصلحة الوطنية الاساس.. وإذ اعتبر التاريخ لدى نابوليون بونابرت “ما هو إلا خرافة يتم الاتفاق عليها” إلا ان ونستون تشرشل إستدرك قائلآ: (التاريخ يكتب بواسطة المنتصرين)، لكن بعض الواقع يقول إن اعاد نفسه فمعضلة مأساة او ملهاة؛ ما يستولد قناعة الرفض فالأمور كما الظروف الموجودة اليوم لن تكون مثل ما كانت عليه سابقا بالتاريخ..!
في القلق اعتياد يسقطه الامل لمن يتجاوزه، عدو لا يمكن التعايش معه، وإذا كانت المرحلة التي يمر بها لبنان مقلقة سواء على صعيد المشكلات الداخلية أَ كانت سياسية ام اقتصادية اجتماعية فهي على صعيد الاقليم ومتغيراته الساخنة اعمق واشد وقعآ اما الخوف فصنوه او الرديف، ما يفرض على ساسة البلاد التوافق وعدم اضاعة الفرص المتاحة لبناء مستقبل افضل..!
لن يكون الغد أسوأ فحال البلاد أردأ، في الإيمان الغد بيد الله، لكنه لا يكفِ مفاصله بيد الإنسان إن تحلى بالإرادة والصبر، وأكثر ما يؤلم ركود إنتظاره.. وظيفة المسؤولين اليوم توسيع اطار الحوار والتفاهم ليكونا على مستوى الوطن لا الطائفة او الحزب؛ في مطلبه اليوم ضرورة طلب الغفران ممن اساء لتصبح الاساءة ذكرى.. ثم لماذا الخشية من فرادتنا وطن طوائف ومذاهب وشرائح اجتماعية متعددة، فالخوف نقيض الامان والاخير اعلى منزلة من حب، انت لا تقرب شخصآ عندما تنبهر بل حين تطمئن؛ الامن صانع حرية إن فقد سادت الفوضى وهنا للقضاء منزلة فغياب العدالة يصنع تمردآ ثم ثورةً..!
أخيرآ، حيثما وجد الامان نجد الاستقرار والاستثمار والعيش الكريم، امن الجماعات من امن الوطن هو نهائي دائم لا يبنى على تَوَجُّسٍ من آخر بل على خيار وحدة وقناعة إنتماء.. على هذا المفترق التاريخي كفانا نقد وكلام مدمر يُشيع حقدآ ويُرسخ كرهآ على خلفيةٍ مذهبية طائفية او حتى سببية ولاء على إستقواء بدولة اخرى..! لبنان جنتنا التي عشقنا..! يقول نجيب محفوظ ابن ارض الكنانة الحائز جائزة نوبل في الأدب: “الجنة هي المكان الذي يتمتع فيه الإنسان بالأمن والكرامة، أما النار فهي ما ليس كذلك”..!
طرابلس في 09.12.2024
*عميد متقاعد،كاتب وباحث