الجمهورية الثالثة بالرعاية العربية – الدولية..!

بقلم العميد منذر الايوبي*

بقلم العميد منذر الايوبي*

لم يكن الامر إتيانآ برئيس بمعنى عثور او ارتفاع حظوظ لبراعة تسويق، كما فرض او ارغام.. ببساطة عومت تعقيدات الازمات الوطنية السياسية والطائفية من عمق شعابها تباعآ مر سنتين عجاف، ثم فكفكتها بخماسيتين زائد مساعٍ ديبلوماسية عربية ودولية ترافقت مع تغيرات هائلة متوقعة ومنها المفاجئة على مستوى الاقليم، فيما رجل ببزة مرقطة يقوم بواجبه عارفآ ان الطريق ما بين بعبدا واليرزة رمية حجر، واعيآ ان تمديد بقائه على راس القيادة العسكرية حاجة وطنية فرضت نفسها نتاج أداء كفوء، لا يمكن انكاره من جمع سلطوي حاكم، كما من اهل البلد الراغبين الآملين خلاصآ على اختلاف انتماءات وولاء…!

ثم ان كأس الانتخاب تجرعه نواب الامة بمعظمهم مُقفَّى منهم بخلفية اعتقاد فوز او انتصار، وآخرين لِحميَّةٍ ضرورة انقاذ بلد منهار مؤسساته مشلعَةٌ بُناهَّا مشرعةٌ ابوابها إن لهجرة او نزوح، فيما جنوبٌ بَرُه ساح عربدة عدو؛ شرقه وشماله معابر موبقات أٰ عُلِبت تمويهآ ام عَبرت علانية..! اما بعد تاسع مضى فالوجبة الرئيسية حكومة صبحها قريب زادَهَّا تأليف بعد تكليف، توابلها من مجلس هجين لا تمت معظم خلطاته اساسآ الى فن التذوق بصلة، كتل غير متجانسة ما يدعو الى فلترة من شوائب على ورقة جانبية بعد استشارات عنوانها رئيس شريك بالجدية الكاملة، في متونها سطور تجلوا الشك والريب لصنف وزراء لا رسوم كاريكاتورية لهم سواءً على صفحات الصحف او مواقع التواصل ..!

من الواضح ان لائحة مرشحي رئاسة الحكومة العتيدة ترويستها حالي معروف عبر بالبلاد اقله من ضفة حرب الى أخرى آمنة، له من آليات تطبيق القرار 1701 ومندرجاته حصة تطبيق واجبة؛ ذو باع طويل مقتدر لمعالجة ملفات بات الحال الجديد يسمح إنجازها، ثم في محتواها اسماء جدد من خارج النادي الرئاسي – كالنواب فؤاد مخزومي؛ واللواء اشرف ريفي – من سلة المعارضة السابقة ؛ النائب ابراهيم منيمنة من نواب التغيير ونواف سلام المرشح الدائم.. لكن التميز جلي لإعادة تكليف الرئيس نجيب ميقاتي بعد تسمية من عدد نيابي وازن لجملة اسباب منها سَبقُ تلقف واقعة التهلكة بإدارة شؤون البلاد والعباد على رأس حكومة تصريف اعمال طوال فترة الشغور الرئاسي، سعي تيسير وتسيير موزون في ظل واقع مضطرب. وإذ دفعت الرياض نحو وصول العماد جوزيف عون الى سدة الرئاسة كذلك لم تبدِ معارضة او تأفف موارب لعودة الميقاتي الى رئاسة الحكومة..

اما في الكواليس البيروتية فعلى قناعة تعذر وصول اي من منافسي الرئيس ميقاتي فصدى رغبة لشخصيات غير مرشحة اصلآ منها: “رئيس تحرير جريدة اللواء الاستاذ صلاح سلام؛ سفير لبنان السابق في المملكة العربية السعودية اللواء مروان زين”.. فيما القراءة السياسية بالموضوعية اللحظية تقول: على رغم أهمية شخص رئيس الحكومة الجديدة وضرورة التجانس مع الرئيس عون فهو ملزم قيادة قطار الانقاذ وفق حدود رُسِمت دوليآ لمهمة بالشروط الاصلاحية خليجيآ، فحوافي السكة بادية لا تتحمل انهيارآ..!
سياقآ؛ بالعطف الزمني بُعدٌ عن تراخٍ او مماطلة، فترتيب التشكيلة الوزارية يفرض على ذواتها التماشي مع خطاب القسم والتزام تنفيذ مندرجاته بصرف النظر عن اية ولاءات حزبية او مرجعية، اذ ان انتشال الوطن من الغرق مصلحة الجميع وللجميع على اختلاف مواقعهم الحزبية والمذهبية.. بات الإحباط غير مسموح، والانحراف مرذول كما مد اليد على مال الإعمار وسواه، فمجهر الرقابة الدولية من حكومات ومؤسسات المالية مُسلط على خزائن الدولة وجيوب معتادي نهبها..!

في فهم عميق لحركة الفوالق الزلزالية الجيوسياسية الاقليمية ترتسم بالمادي الملموس لبنانيآ ملامح “الجمهورية الثالثة” بالرعاية السعودية أصالةً والفرنسية – الاميركية وكالةً.. حيث بناء التضامن الاجتماعي وتوطيد التوافق السياسي امر ملح مطلوب وفق دستور الطائف الأسمى، كما ان تثبيت جسور الربط الارادي بين جنوب الليطاني وشماله سواء بالاستراتيجية الدفاعية ام بالادارة المتساوية مع سواها في الخدمة والواجبات اولوية لدى المجتمعين العربي والدولي..!

لا مناص من نصح؛ ان إتباع الأفرقاء المحليين اعتيادآ منهج التوريَّة المقصودة ممارسة ونوايا في عالم السلطة والمال بات امرآ مفضوحآ لا يسمح بهروب من مساءلة قانونية عند اي منعطف؛ وعليه ليس لهم في مرحلة الجمهورية الثالثة سوى مناسك الترويَّة علهم يرتوون من ماء غفران بعد ذنوب وخطايا..!

طرابلس في 13.01.2025
*عميد متقاعد، مختص في الشؤون الأمنية والاستراتيجية