الجدل البيزنطي… !
بِقَلَم ألعَميد مُنْذِر ألأيوبي *
نفاذ الاحتياطي لدى خازن المال في خزائن مصرف لُبنان دنو شهرين او اقل مِما يطرح العديد مِن المشاكل الاجتماعية بِما يثبت انهيار الدولة اما الجوع فيطرق ابواب العامة من ألمِعاء الخاوية إضافةً الى تهشيم مبرمج منذ 17 تشرين 2019 للشرائح الاجتماعية عَلى اختلافها في سعيهم لرزقهم “إناء الليل و اطراف النهار” و لا حلول ..!
بين التكليف و مصاعب التأليف تراوح المبادرة الفرنسية لانقاذ لُبنان مكانها رغم ندرتها كآخر عبوة اوكسيجين لانعاش الرجل المريض (لُبنان 2021 لا السلطنة العثمانية 1819) ؛ و اذا كانت الخيبة من شفاء الولد المشوه مواليد قصر الصنوبر عام 1920 قد اصابت الرئيس ماكرون فهو لا يَزال يقاوم عَلى عبث نزيف إصابة نجلاء في الظهر مِن الكوفيد اللبناني بالتزامن مع عقوبات اميركية فرضت نفسها عَلى نجاح المبادرة و نجاة الوطن ” فصار اذا اصابته السهام ،، تكسرت النصال عَلى النصال”..!
في تطور غير مستغرب ما كان ينقص الهشاشة السياسية ابداء سيد بكركي البطريرك الراعي رأيآ غير ملزم عَلى قناعة منه لعدم اسقاط الوطن داعيآ الى الحياد الايجابي .. فاستنفر الجمع بين مؤيد و معارض تَظَهَرَ اصطفافآ سياسيآ مخجلآ بين فريقين تبادلا اقسى قذائف النعوت بِدءآ بِما يلامس التخوين مقابل ما يقارب العمالة في تَجاهُل لأي نقاش عميق و راقي قد يمكن الخوض به .. كما
دخلت المرجعيات الدينية عَلى خط المواجهة مِن باب توازن الردع مِما اضطر الجميع الى اعلان الهدنة عَلى هذه الجبهة ..!
في رغبة دفينة لدى الاوادم الذين راهنوا إيمانآ و إحتسابآ بثورة تقية نظيفة تسقط مقومات الاوليغارشية الحاكمة و تحاسب مِن عاثوا في الارض فسادا في انخزاق الريح تضرب الارض عَلى غير استقامة تدخل الغوغاء و المرتزقة مِن عملاء اجهزة و سفارات و تنظيمات ففقأت الاعين و كسرت الايادي عَلى بخور غاز مؤرق و مطاط ساخن اسالا الدمع مع الدماء سخيآ فتقيأت جموع الساحات كل ما استطابت مِن احلام الدولة الجميلة منكفأة في قسرية مزدوجة امام تحالف مريب للسلطة مع الفيروس الكورونا ..!
مِن صخب ضجيج لا طائل منه انتهت انتخابات الرئاسة الاميركية و تصاعد دخان ابيض رسم ظل الرئيس المنتخب عَلى شروق شمس الكوكب فارتسمت الملامح عَلى الوجوه بين وجوم تحدي المستحيل و ابتسام عَلى منطق المياه الجارية “ان النهر الذي تخوضه الان لَن يكون هو ذاته بعد قليل”..!
تاليآ في انتظام انتظار تسلم و تسليم يزورك شعر طُرفَة بن العبد “سَتُبْدِي لَكَ الأيَّامُ مَا كُنْتَ جَاهِـلاً ويَأْتِيْـكَ بِالأَخْبَـارِ مَنْ لَمْ تُـزَوِّدِ”.. يسارع الرئيس دونالد ترامب لافراغ رصاصاته المتبقية فيستدعي اركان البنتاغون لتبيان قدرة محسومة في ضَرب ايران بالصواريخ الجوالة Cruise missile-Tomahawk المزودة بمعالج حاسوبي Processor دقيق رقيق ذات الحتمية في اصابة الاهداف الاستراتيجية “مفاعل ناتنز” كما اختراق السقوف الخرسانية و الانفاق لكن اصحاب النجوم اللامعة يتقنون ملاعبة الساسة في ملعبهم فالقرار هُم صناعه ..
توازيآ في استباق لعهد بايدن تهبط طائرة مدير ال CIA السابق و وزير الخارجية الحالي مايك بومبيو في مطار باريس بداية جولة مدروسة هدفها فرض التزامات يتعذر نقضها لاحقآ تتناول ملفات متعلقة بالوضع الاقليمي خاصة لُبنان ؛ سوريا ؛ ايران ؛ تركيا و اخرى متشعبة في عنوانها الاوحد صَفقة القرن و في مضامينها “التطبيع ، الضم ، الترسيم” و مِن ثمارها العلاقات التجارية مع دول الخليج ، استخراج الغاز الطبيعي و تأمين انابيبه الى اوروبا الخ … استطرادآ و ضمن تلازم المسارين السياسي و الدستوري كما انتظام الدولة العميقة و تجذر مؤسساتها يعلن مستشار الامن القومي Robert O’Brien بكل هدوء و ثقة عن انتقال سلس و احترافي للسلطة الى ادارة جديدة يقودها الرئيس المنتخب بايدن مؤكدا المؤكد و غامزآ في آن للرئيس ترامب (عليك الاقرار بهزيمتك) ..!
في سياقً مُتَصل ؛ عَلى اجنحة الآتين مِن واشنطن و باريس و موسكو تعلق قضية النازحين السوريين عَلى مشجب مساعدات الامم المتحدة الى اجل غير مسمى و ايضآ مسألة اللاجئين الفلسطينيين عَلى شماعة صَفقة القرن .. ما يُبقي لُبنان في عين الاعصار ضمن دائرة خطيرة جدا مِن فراغ سياسي و انهزام ديبلوماسي اما الاستقرار الامني فهو تحت المجهر رغم تطمينات لا بديل عن الادلاء بها اعلنها وزير الداخلية العَميد محمد فهمي مِن عَلى منصة بكركي ..
عَلى مرمح القصور الثلاث يغلي المرجل بين لقاء و لقاء ثُم يتبارى الاعلام و الباحثين في دراسة ملامح ارتياح رئيس الجمهورية و حجم ابتسامة الرئيس المكلف و همسات رئيس مجلس النواب ليبنى عَلى الشيء مقتضاه حتى اصبحت اللقاءات سرية تارة أو خاصة بعيدة عن الاعلام تارة اخرى فنشط المنجمون و ازدهروا يقرأون الكرات البلورية Crystal Ball و رموز فناجين الشفة للتنبوء بزوال الدولة او نهائية الكَيان ..!
لَطالَما حفل التاريخ بحقبات امبراطوريات سادت ثُم بادت و بَقيت منها آثار من جماد لفن ينطق عظمة او لمصطلحات تتوارثها الحضارات و عبارة “الجدل البيزنطي” Byzantine Controversy دخلت قواميس اللغات في مدلولاتها نقاش لا طائل منه بين طرفين استُولِدَ لبنانيآ مجددآ فَبَزَ بيزنطية ؛ لكن ما اصبح ثابتآ ايضآ ان اختلالآ في التوازن الفكري بات سائدآ و بينما مصير لُبنان عَلى المحك فإن مجالس الحكماء في جدال محتدم يذكر الشعب العظيم بعقم النقاش حول جنس الملائكة و حجم ابليس ..
و السؤال هل سنقضي نحبنا على اسوار بيروت فنسقط كما امبراطورية القسطنطينية امام السلطان العثماني الفاتح .. يقول المؤرخ “هيرودوت” Herodotus : “إن اكثر انواع الالم مرارة عند المرء هو ان يملك الكثير من المعرفة لكنه لا يملك شيئا من القوة” ..! و في التاريخ مرثيات و ِعِبَر ..!
بيروت في 19.11.2020