التلذذ بعذاب الضحايا لوثة كفر..!
بِقَلَم العميد مُنذِر الايوبي*
ربما كانت تسميتها قبل الولادة “حكومة المهمة” Gouvernement de mission فأل شؤم تسبب باجهاض متأخر قليل الحدوث؛ وعلى انتظار ولادة شقيقتها دون اعتماد تسمية مسبقة تلافيآ، فالهاجس الاهم النجاح في قفزها من حافة الحيرة الى ضفة النجاة.. واذ قيل في الردى “وهو موضعنا” بعض نجاة؛ فمن صنف اللصقة الطبية الضرورية لتخفيف الالام عن مفاصل الوطن الهشة واحشائه المتعفنة، تمهيدآ لبدءِ علاجات كاوية تحتاج وقتآ غير وفير وصبرآ غير يسير يتجاوز تاريخ الانتخابات النيابية المقبلة في 8 ايار 2022 وما بعده..!
تاليآ، واذ تاهت مسؤولية التعطيل بحبر المراسيل او سوء النوايا، طرحت خيارات وبدائل قابلة التفاوض والمقايضة بحسن النوايا، في مجموعها مشتقة مستقاة من ينبوع دستور واحد غير آحادي التفسير، لطالما اختلف عليه الغابرون والحاضرون، حاجة بصيرة اولي النهي في بيان قصد السبيل وهدي الطريق لأي المفرقين على تقلب المناسبات وتفلت الحوادث وعظمة النوائب.. فيما جمهرة القارئين فناجين التبصير تراه ملغمآ موادآ عالية التخصيب اجتهادآ، ملقمآ رصاصآ طائفيآ ومذهبيآ من نوع “الدمدم المتفجر” Expanding Bullet المحظور استخدامه وفق اعلان لاهاي 1899 ..!
استطرادآ، من سياق الاجتماعات الثنائية التي عقدت بين العماد رئيس البلاد والرئيس المكلف التشكيل على نهج وقاعدة التوافق، فإن « منحنى قطع الامان المكافئ” Safety Parabolic Curve يرسم “حالة من التذبذب الميكانيكي” Mechanical Oscillation حركة تأرجحية بين بعبدا والزيتونة وصلت الى الدرجة 13 في عداد وجيز الارقام دون تجاوز المعدل الزمني الوسطي المعتاد، في حين ثُبِت وثَبُت فيزيائيآ ان قياس الحجم الكمي للإزاحة quantitative volume displacement measurement الحكومية يساوي 24 وزيرآ ..!
في سياق متصل؛ عن عوز او فاقة وبعض طول انكار من كثيرين وقناعة مضمرة لدى آخرين، اتت زيارة الوفد الوزاري اللبناني للعاصمة السورية لتجدد مسارآ مشتركآ بين البلدين الجارين بما حواه يومآ من حسنات او عاناه من سيئات خارج الحساب الزمني للتقويمين الميلادي والهجري.. لطالما تفوق حكم التاريخ وصيرورته على تموضع الجغرافيا ب جموديتها، نظرا لحركية التفاعل kinetic interaction الدائم المرتكز على وحدة التنوع الديني والمشترك الثقافي كما الامتداد الاجتماعي وان اختلفت انماط المعاناة، مما يبقي دمشق زنبرك الربيعة (الميزان النابض) على مسلك الحرير كفة الاتزان بالثقل الروسي والوصل الايراني بين المجال الكهربائي الاردني المتقاطع مع انبوب الغاز المصري..!
تاريخيآ؛ من الميثاق 1943 الى الاتفاق 1989 خاض لبنان غمار تغييرات جيواستراتيجية وجودية وما زال نتيجة الضعف البنيوي الطائفي اساسآ.. يمارس دون وعي لعبة الركمجة Surfing على امواج الاقليم فيغوص تارة ويعوم احيانآ أُخَر وفق موازين القوى المتقلبة، الى ان باتت الحاجة الحالية اثر الانهيار تغيير النظام..!
تماثلآ؛ في علوم الاحياء Biology اكتشاف مستجد مختصر اذ “تستخدم الطفيليات مسببات الامراض البكتيرية استراتيجية التهرب المناعي Immune Évasion Strategy لتعطيل دفاعات الجسم المضيف”. وفي علم السياسة اللبنانية احدث الطائف مسببات تغييرات جينية قاربت التشوهات اثرت على الاستجابة المناعية الوطنية وربما الاخلاقية المكتسبة.. في العلاجات موجب الاستناد الى وحدة التحاليل الدستورية والقانونية والالتزامات الوطنية الاقتصادية والاجتماعية، يتوازى مع اصلاحات مالية جذرية وهندسات قضائية معزولة سياسيآ تغذي عصبيآ Innervate صفات النزاهة والاستقلالية، ضمان مانع ودرع رادع من السطو على حقوق الشعب اللبناني وامواله.
تحريك البيادق على رقعة الاقليم زحمة غير معتادة لم تكن مرتقبة بليغة البرهان؛ في القرار Décision المبني على اصله؛ زيارة رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية ويليام بارنز ولقاءه رئيس وزراء الكيان المحتل “نفتالي بينيت” شهر آب الماضي.. ليست “زيارة مجاملات”، وفق صحيفة Haaretz بل لتذكير تل ابيب بحدود المناورة وضبط النفس، مع التأكيد على ان “الولايات المتحدة لم تتخلَّ عن محاولة الوصول لاتفاق” مع إيران، وأنّ “لا نية لديها للرد عسكرياً على الهجمات الإيرانية على السفن”..! في الرغبة Pro Attitudes نزعة شعورية خلافآ للقرار، واقع الحاجة انتباه موجه، في تطويرها ادراك اسبابها (مصالح الولايات المتحدة+امن اسرائيل) ومن منطلقها تُرِك لوفد الكونغرس الاميركي برئاسة السيناتور كريس مورفي زيارة بيروت ومنها اعلن السيناتور ريتشارد بلومنثال: “ان لبنان في حالة سقوط حر… شاهدنا هذا الفيلم من قبل وهو قصة مرعبة، لكن الأمر الطيب أن هذا يمكن بل ينبغي تفاديه”..! معربآ عن أمله في تشكيل حكومة هذا الأسبوع للبدء بمعالجة انهيار لبنان المالي..!
في الرؤية ادراك؛ وخيط الحرير من الصين جامع.. افغانستان وايران جزء من الكوكب بالامتداد المكاني تبسيطًا ؛ قد يكون توصيف الانسحاب من الاولى في مشهدية التخلي بالنموذج المذل وبحيثيات المواجهة مع الاخرى مهادنة على الحافة النووية بالشكل المتهيب.. لكن على شاشات التخطيط الاستراتيجي والخرائط الرقمية في قاعة العمليات المشتركة في البنتاغون يومض ضوء مشترك.. بين الطالبان في معتقدها الاسلامي السلفي وايران الشيعية خلاف عقائدي مذهبي لطالما اشعل مواجهات على حدود مشتركة بطول 1000 km على ضفتيها اقليات شيعية كالهزارة والاوزبك من جهة وسنية كالاكراد والبلوش من اخرى.. كلا البلدين يرفعان راية اسم الجلالة على بقعة رمادية رسمتها واشنطن ستحدد معطيات التحالف او فرضيات العداء. طالما ان الاستراتيجية العليا تحققها عودة الفتيان الى الديار وترك المواجهة الدموية لابناء الدين الواحد..!
اخيرآ في المأساة المذلة؛ حقق رفع الدعم الجزئي عن المحروقات والادوية والسلع الضرورية اصابة نجلاء في قلب الامة توازي اقلاع المؤمن عن الصلاة لحظة ضعف.. لكن رفع الدعم الكلي المرتقب يشابه الارتداد عن الدين وفق الانتماء الفردي الارادي اوالقسري بالولادة.. في الردة Apostasy ؛ رفض الايمان العمد او الكفر، والعقوبة في الاسلام مثيرة لجدل الاستتابة..! المسيحية لها تصنيف لاهوتي لمن تخلى طوعآ ووعيآ عن يسوع كما عن الثقة بالله ووعده..! في الارتداد عن الوطن شبه كفر فاق الخيانة؛ مرسوم الاعدام وقعته “الكوزا نوسترا”- تحالف حر بين عصابات المافيا تجمعها بنية تنظيمية مشتركة وقواعد سلوكية موحدة- بعد ثورة 17 تشرين، نفذ مقدمآ ولا زال في مراحل تترى بدءآ بانفجار 4 آب وما بعده.. مسار الاستجابة للعقوبة يفرض ويوجب التسديد لمن عاثوا في ارض القداسة فسادآ، القابضين على أعنة السلطة، السارقين حلال الناس في اموالهم.. التعذيب من نوع وضع البنزين الملتهب على جرح غائر لشعب ينزف، حِرصُ الجناة على التلذذ بآلام الضحايا لا يضاهيه كفرٌ..! تبقى الرحمة للباري اذ لا معين سواه، هو الرحوم الرؤوم يسبغها مؤكدآ على الناس الشهداء الاحياء منهم والاموات ..!
بيروت في 10.09.2021