التطبيع السوري – التركي..!
بقلم ألعَميد منذر ألأيوبي*
يبدو أن ألحَرب في سوريا لن يكتب لها ألوصول إلى خط ألنهاية دون إعادَة ألعلاقات مع تركيا و لو بألحد ألأدنى ألأمني بداية على ألأقَل ؛ هذا ما رُسِمَت خريطته في لقاء موسكو مُؤخَرَآ بين رئيس مكتب الأمن ألوطني ألسوري أللواء علي ألمملوك و رئيس جهاز ألمُخابرات ألتُركيَة حقان فيدان برعاية روسية فاعلة و مؤثرة ..!
من هذا ألمنطلق ، لا يمكن قبول ألجانب ألروسي شبه حرب إستنزاف دائمة على ألخط ألحُدودي ألسوري – ألتركي ألممتد على مسافة 822 km تقريبآ و بصورة خاصة ألقطاع ألشمالي و ألشمالي ألشرقي منه و بقاء جبهة إدلب مفتوحة إلى ما لا نهاية ؛ و في حياكة دَقيقَة لأهداف و مَصالح موسكو ألإستراتيجية و ألجيوسياسية على صعيد ألإقليم تمكن ألرئيس ألروسي فلاديمير بوتين بعد بناء ألتحالف ألإستراتيجي ألروسي – ألسوري ألبعيد ألمدى من تثبيت تحالف موازي على درجة عالية ألتَنسيق مع تركيآ ألأمر ألَذي يسهم و يضمن ألحل للأزمة ألسورية في ألمُستَقبَل ألقريب بعد معالجة ألمُشكلات و ألقضايا ألعالقة على مختلف ألصُعُد بِدءآ بألواقع ألكردي و حيثياته ألمرتبطة بألدَعم ألأميركي و ألغربي لوحدات حماية ألشَعب ألكردية مرورآ بوقف تُركيا دعمها ألجماعات ألإرهابية و ألمُتطرفة وصولآ إلى مرحلة إعادة ألإعمار و قبول ألدَولَة ألسورية مشاركة ألشركات ألتركية بها ، إذ
لا شيء بألمجان في مَصالح ألدول ..!
من جهة أخرى ؛ تعتبر منطقة شرق ألفرات ذات أهمية إستراتيجية بالنسبة للدولة ألسورية فهي تختزن معظم ألثروة ألنفطية و ما يقارب 50% مَن إنتاج ألغاز ؛ كما تشكل بألنسبة لتُركيا حديقة خلفية و خاصرة رخوة لا سيما و أن قوات سوريا ألديموقراطية “قسد” إضافَةً إلى حزب ألإتحاد ألديمقراطي ألكردي تحكمها بشكل مباشر ، مع ألإشارة إلى أن ألقوات ألكردية نجحت في تنظيفها
و تحريرها من قبضة ألمجموعات ألإرهابية (ألدَولَة ألإسلامية-تنظيم داعِش – جبهة ألنصرة) ..!بألمقابل فأن تركيا تنظر إلى ألميليشيات ألكردية على أنها مَجموعات إرهابيَة تهدد أمنها ألقومي
مما يستوجب مكافحتها و ضَرب بنيتها ألعسكرية و أللوجستية بحزم ..
إذن ألسَعي ألحالي سيكون ألعبور نَحوَ مصالحة سورية – تركية بوساطة روسية قادرة على تغيير مسار ألتدخل ألتركي و ألعَودَة إلى إلتزام ألجانبين ألإتفاقات و ألمعاهدات ألموقعة بينهما لا سيما إتفاق أضنة 1998 و ملاحقه ألأمنية بألتزامن مع إنعاش دور ألمجلس ألأعلى للتعاون ألإستراتيجي ألمُشترك علمآ أن موسكو باتت على قناعة أن تهدئة ألإقليم و تسوية ألأزمة ألسورية أمر متعذر دون ضبط و عودة ألعلاقات بين دمشق و أنقرة إلى سابق عهدها ..
نتائج لقاء موسكو ألأمني بَدأت نتائجه بألظهور من خلال مواصلة ألجيش ألسوري عملياته ألعسكرية
في ريف إدلب ألجنوبي ألشرقي و سيطرته على ألعَديد من ألقرى و ألبلدات لا سيما “تل ألشيح” ذو ألأهمية ألعسكرية على ألمحور ألشرقي لمدينة معرة ألنعمان بعد تحريرها من قبضة ألتَنظيمات ألإرهابية (أجناد ألقوقاز و هيئة تحرير ألشام) ، كَما سيطرت وحداته على ألطريق ألدولي M5 حَلَب – حماه و أصبحت على مشارف مدينة سراقب في ريف إدلب ألجنوبي ..!
ماذا عن ألولايات ألمُتَحِدة و ألتواجد ألعسكري ألأميركي ..؟ لا مشكلة أو إعتراض على عملية ألتطبيع ألتركي – ألسوري ؛ أما ألإنتشار ألعسكري فقد سَبق و أعلنت القيادة العسكرية الأمريكية ألوسطى ترتيبات سحب قواتها من القواعد التي كانت أنشأتها و هي في معظمها ضمن ألمناطق ألتي تسيطر عليها قوات سوريا الديموقراطية ، هذه ألترتيبات ألميدانية أبقت على ثلاث قواعد تتواجد فيها أيضآ فصائل فرنسية : قاعِدَة ألرميلان ألجوية شَرق مَدينَة ألقامشلي – قاعِدَة تل بيدر شمال محافظة ألحسكة و قاعِدَة ألتنف ألعسكرية ألأكبر حَيثُ مركز ألعَمليات ألرئيسي ألواقعة على ألحدود ألسورية ألعراقية ، إضافَةً إلى مركز عسكري في مَدينَة “صرين” شمالي غربي مدينة عين عرب في محافظة حلب ..!
إستطرادآ ؛ بعد عملية “نبع ألسلام” ألتركية و إنشاء ألمنطقة ألأمنية ألعازلة أعادت ألقوات الاميركية تموضعها و ركزت على تواجدها في محافظة دير ألزور حيث ألحقول ألنفطية ؛ هذه ألقواعد في أهدافها ألإبقاء على ألتواجد ألعسكري ألأميركي ألإستراتيجي في ألمنطقة وِفقآ لرؤية ألبنتاغون خلافآ لما كان وعد به ألرئيس ترامب خلال عدة مناسبات بعودة “ألفتيان إلى ألديار” كذلك تلبية رغبة ألعدو ألإسرائيلي بألسيطرة على ألمثلث ألحُدودي ألتركي – ألسوري – ألعراقي لما له من أهمية في قطع طريق ألإمداد ألإيراني و مُتابَعَة نشاط ألحَرَس ألثَوري خاصة بعد هزيمة تنظيم ألدَولَة ألإسلامية ألإرهابي ..!
في سياق متصل ؛ تسريبات من مصادر تركية تفيد أن إجتماع ألمملوك – فيدان في موسكو إستكمل بلقاء بين ضباط رفيعي ألرتب من ألإستخبارات ألتركية و مدير ألإستخبارات ألعامة ألسورية (أللواء حسام لوقا) حيث تم ألإتفاق على تفاصيل ألتَنسيق و ألتعاون ألأمني تفصيليآ :
أولآ – قيام ألجيش ألسوري ألنظامي بإخضاع و ضبط نشاط حزب ألإتحاد ألكردستاني و ألفصائل ألكردية و وحدات حماية ألشعب ألمناوئة لتركيا ، مكافحة مشتركة للتنظيمات ألإسلامية ألإرهابية ، وَقف ألدَعم ألتركي للمجموعات ألسورية ألمسلحة ألمعارضة ، تَحديد ألتوقيت ألنهائي لإنسحاب ألوية ألجيش ألتركي من سوريا ، وَقف عَمليات ألتهريب للمشتقات ألنفطية من ألآبار ألسورية إلى تركيا ..
خِتامَآ ؛ رُغمَ فرضيات ألتقسيم أو ألفدرلة ألتي تُطرح بخصوص ألدولتين ألعربيتين “ألعراق، سوريا” فألخشية أن تلفح رياحها لُبنان بشكل غير مباشر أما تطبيع ألعلاقات ألتركية ألسورية فربما تترافق أو تلي تطبيع ألعلاقات اللبنانية ألسورية لا سيما إقتصاديآ مع تنشيط عمل ألمجلس ألأعلى أللبناني ألسوري و هذا ألأمر سيكون على جدول أعمال ألحُكومَة ألجديدة كأحد حبال ألنجاة ألمفترضة من ألواقِع ألإقتصادي و ألمَالي ألمنهار ..
بيروت في 01.02.2020
*عميد، منسق ألمنتدى ألوطني للدراسات ألإستراتيجية.