البريد السريع غير مضمون…!!
بقلم العميد منذر ألأيوبي*
ستة صواريخ إيرانية باليستية أرض-أرض من نوع “ذوالفقار” و “قيام” بمدى ٧٠٠-٨٠٠ كلم متزامنآ مع قصف جوي من سبع طائرات إيرانية مسيرة إستهدفت مواقع ألإرهابيين في البوكمال السورية شرق الفرات ،، هي الرد ألإنتقامي المباشر على هجوم ألأهواز الذي إستهدف العرض العسكري خلال الاسبوع الماضي ،، إلا أنها أيضآ رسالة إضافية إلى واشنطن و الرياض في آن معآ حملت في طياتها جملة عناوين و منها : إن القدرة على تهديد القواعد الاميركية في سوريا متوفر و ضمن المدى المُجدي للصواريخ ألإيرانية ،، أن الرياض ليست بمنأى عن “المرمى” أما العنوان ألأبرز فهو ضرورة التفكير قليلآ و التمعن كثيرآ في خطة أنشاء “الناتو” العربي الذي سيضم بالاضافة الى واشنطن و الرياض ،، مصر ،، الأردن ،، الإمارات ،، الكويت و سلطنة عُمان ،، الذي سيؤمن تعاونآ عسكريآ و مخابراتيآ بين الدول ألأعضاء و يكفل أيضآ توازنآ عسكريآ بوجه إيران ..
سياسة البريد السريع غالبآ ما تكون مضمونة الوصول إلى المُتلقي لكنها ليست بالضرورة مضمونة النتائج ..!
الرسالة الأيرانية عبرت ألأجواء و زادت من منسوب القلق الاميركي من عمليات قد تستهدف قواتها في سوريا و العراق من قبل تنظيمات متحالفة مع إيران ،، و خير تعبير عن هذا القلق إقفال القنصلية الاميركية في البصرة ،، سحب بطاريات صواريخ باتريوت من الكويت ،، إعلان جيمس جيفري مستشار الرئيس الاميركي للشؤون السورية “أن واشنطن لن تجبر إيران على الانسحاب من سوريا بالقوة” ..
على صعيد آخر ،، الثابت في علم السياسة أن طاولة التفاوض جاهزة دائمآ بغض النظر عن مستوى راحة المقاعد !! و يمكن عقدها قبل نشوب النزاع أو خلال مرحلة عض الأصابع أو بعد حرب كلاسيكية عديمة الجدوى لا منتصر فيها ..
في الحالة ألأميركية-ألإيرانية يبدو أن مرحلة عض ألأصابع باتت مؤلمة ،، و أن ثمة تحضير لطاولة التفاوض و إن بتكتم ،، فالأروقة الديبلوماسية تتحدث عن ذلك و ربما كانت تغريدة الرئيس ألأميركي ترامب التي أطلقها مؤخرآ :”أن لقاؤه الرئيس روحاني قد يحصل مستقبلآ” .. مؤشر إضافي ..
من جهة أخرى ،، ما زال الحذر و التشاؤم سيدا الموقف لدى الكثير من المراقبين ،، فألرسالة ألأقسى سترد إلى طهران خلال أيام متضمنة الدفعة الثانية من العقوبات الاميركية و التي ستمنع توريد النفط الإيراني ..
الجميع يترقب الرد حيث تزداد القناعة لدى القيادة ألإيرانية بحتمية اللجوء إلى إقفال مضيق هرمز و إستهداف الناقلات في مضيق باب المندب ..! هذا الامر من الخطورة بمكان على طهران و صعب التنفيذ لعدم القدرة على إحتواء النتائج المترتبة عليه ،، و هي وخيمة ،، قد يمتد لهيبها من كرمنشاه الى جنوب لبنان مرورآ ببغداد
و دمشق ..!!
لا قواعد محددة للصراع ،، و الخوف هنا من العودة إلى إعتماد لبنان صندوقة البريد السريع من خلال الدفع بإتجاه مواجهة و إن محدودة بين إسرائيل و حزب الله قد تشكل مخرجآ يرغم الجميع إلى أخذ أماكنهم على طاولة التفاوض ،، و ما عرض نتنياهو المسرحي المتواصل من المنصة ألأممية إلى أوتيل الساحة سوى جزء من المشهد !! إلا أن النتائج غير مضمونة دائمآ و الخشية من إنقلاب الطاولة على الجميع و تفجر الوضع له أرجحية أيضآ .. !!