الاقليم بمجمله امام منعطف استراتيجي .. ونقل الحرب نحو الضفة تورط قاتل للوحدات الاسرائيلية
بقلم العميد منذر الأيوبي*
فتح نتنياهو بابآ جديدآ في جدار السلطة الفلسطينية الممزقة، دافعآ بوحدات عسكرية ضخمة لاهداف عدة:
– القضاء على اية مقاومة او بنية تحتية عسكرية ضمن مخيمات الضفة الغربية.
إظهار عجز السلطة الفلسطينية عن ممارسة دورها الشُرطي. بالتالي نقض فكرة الدولة الفلسطينية وبنود اتفاق أوسلو.
استمرارية في نهج توسع المستوطنات وقضم الأراضي. التمادي في جريمة حرب الإبادة ضمن معادلة امن الكيان المحتل بالتوازي حفاظ على بعض مكتسبات ميدانية لها مردود سياسي يراها لمصلحته تؤمن له بقاءً متجددا في رئاسة الوزراء بضمانة اليمين المتطرف..!
في السياق، اتى قرار المجلس الامني المصغر إبقاء السيطرة على محور فيلادلفيا مع متابعة العملية العسكرية في رفح ليناقض وينسف اي تقدم على مسار مفاوضات الدوحة – القاهرة الساعية لإطلاق سراح الاسرى وإقرار وقف نهائي لإطلاق النار مع باقي بنود التسوية، الأمر الذي فاقم نقمة الداخل الاسرائيلي قناعة ان نتنياهو لا يريد اتفاقآ وتصريحه قاعدة إثبات (ان البقاء في محور فيلادلفيا اهم من إطلاق الرهائن)، بعد ان دخل في مواجهة مع وزير الدفاع يوآف غالانت الذي اعتبر ان تمرير القرار سيرفع حجم التوترات وقد يؤدي إلى حرب شاملة..! ان تضخيم أهمية محور فيلادلفيا هدف تقليل أهمية صفقة الرهائن سيزيد الوضع سوءآ وبقاء الجيش عَلى هذا المحور سيزيد استنزاف عناصره..
ثم ان الاستدارة ونقل العمليات العسكرية نحو الضفة الغربية ومخيماتها لن تكون اقل من تورط قاتل لوحداته المؤللة لا يمنع مقاومة ولا يطفىء نور الشهادة، كما ان الجبن والتخاذل في مواجهة المقاتلين الفلسطينيين وجهآ لوجه ورفض الضباط الصهاينة الانضمام إلى المعركة رفع من وتيرة اتباع تكتيك الارض المحروقة عبر تدمير ممنهج لكل حجر، قتل عشوائي وإعدامات ميدانية للمدنيين بالقنص المباشر مع تجريف البنى التحتية بدءآ من مخيم نور شمس وطولكرم وحاليآ في مدينة جنين ومخيمها..!
ما يمكن استنتاجه مِن المواجهات ان الوقت قد فات امام جيش العدو لوأد المقاومة في جنين او غيرها من مدن الضفة، لا بل ان عمليته العسكرية “المخيمات الصيفية” ستكون حافزآ تلقائيآ لوحدة البندقية اولآ، تنسيق الجهد العسكري والعملياتي بين الفصائل الفلسطينية (كتائب المدن جنين وطولكرم وطوباس الخ..- فتح- حماس- القسام …). توحد جبهات الداخل على اختلاف المدن والمخيمات فالمقاومة بتنوعها وحاضنتها الشعبية اعدت لأيام طويلة مِن القتال وتجهزت لمواجهة المحتل وان بنوعية اسلحة تختلف عما تحوزه حماس غزة (خفيفة او متوسطة بالحد الاقصى) لكن الجغرافيا وطبيعة الارض تشكل الثقل النوعي الحليف للمقاتلين ..!
من جهة اخرى، رغم ان لا اعتبار لدى رئيس الحكومة نتنياهو لجهة تمدد الحملة العسكرية جغرافيآ كما لا ضوابط لتوقيتها الزمني، اذ سيواصل حربه على الضفة هدف ترويع الشعب الفلسطيني شق صفوفه ووحدته وضرب وعيه، كذلك سيحاول ممارسة حرب الابادة كما غزة وايقاع الكثير من الخسائر، لكن الفشل سيتكرر ..!
في إدراك مفاهيم النصر والهزيمة تبرز لدى قادة العدو مشكلة ضعف بصيرة إستعلاء وعناد (نتنياهو- بن غفير- سموتريتش..الخ) كما ان عدم تحقيق الاهداف المعلنة للحرب هزيمة مُسلَّمة، فيما صمود المقاومة إنتصار، سُقوط للمشروع الاستيطاني دافع حل شامل مرحلي طويل الامد رغم الدمار واعداد الشهداء والجرحى الغير مسبوق..! ان فتح معركة الضفة الغربية سيزيد الوضع سوءآ، هروب الى الامام ثبوت ضياع استراتيجي لدى مجلس الحرب الاسرائيلي المصغر، فيما استمرار جبهة الاسناد عَلى الحدود الشمالية وعمليات الرد والرد المضاد تجعل مفردات صنف قَواعد الاشتباك لا اهمية عملية لها…!
الاقليم بمجمله امام منعطف استراتيجي وما يحصل سواء تحت النار ام على طاولة المفاوضات تمهيد لمرحلة جديدة إثْرَ انسداد حلول اصاب معظم قضاياه، كما ان تَسويَة اميركية – ايرانية على الملف النووي وغيره لَن تؤدي بمفردها الى شمولية مطلوبة، الامور اعقد من تلاقٍ بين طرفي الصراع، عوامل التعطيل كثيرة وان تفاوتت النسب سواءً لدى العدو ام الحليف، اذ في الحد الاقصى قد تدخل المنطقة مرحلة هدوء رمادية الى ان تتبلور الصورة بين روسيا والولايات المتحدة على المستوى الاوروبي “الحد مِن تهديدات الحلف الاطلسي وانهاء الحرب الاوكرانية” مع الاتفاق عَلى مناطق النفوذ..
اما الوطن اللبناني ففي ضياع استراتيجي زعماؤه يتقنون صناعة الخصومة، كراهية خطيرة باتَت تتفشى عَلى مستوى اجيال مِن طوائف متعددة، ارتباطات وولاءات خارجية متناقضة، تعديلات دستورية تُطرح واستراتيجية دفاعية تُطلَب، اصلاحات ادارية وقضائية حاجة، هيكلية مصرفية مع استعادة الودائع عدالة مطلوبة الخ.. تقف جميعها عَلى ناصية كرسي الرئاسة الاولى..!
الأمل هو القوة الدافعة للتغيير بدأنا نفقده مع الأسف في ظل قلق إنساني جماعي واجتماعي على المآل والمصير..!
طرابلس في 01.09.2024
عميد متقاعد، كاتِب وباحث