الألفاظ المتقاربة والدلالات المختلفة في المجموعة القصصية “ثور وثورة” لـ سعيد بودبوز

 

بقلم: الناقد السوداني مجذوب عيدروس*

يصحّ القول عن مجموعة القاص المغربي سعيد بودبوز، أنها تجمع المفارقة اللفظية بين متناقضات يجمع بينها متشابهات لفظية، وهي تعتمد على هذه الثنائية (ثور وثورة)، (غرب وغربة)، (مرور و مراراة)، إلى آخر هذه القصص التي تجمع بين التقارب في اللفظ والمفارقة في المعنى والدلالة.

وهذه المجموعة التي رشحتها للفوز بجائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي-الدورة السابعة- لغتها الرشيقة والموحية، وقدرة الكاتب على بناء عالم سردي محكم، يشدّ القارئ إليه، وهو ينتقل من قصة إلى أخرى.

الكاتب يعتمد على مخزون وافر من الحكايات التي يجيد صنعها وتوظيفها في خدمة مشروعه السردي، وقد آلى على نفسه تقديم شخصيات لها أهمّيتها في مجتمعاتها الصغيرة، وهي رغم محليتها إلا أنها من ذلك النوع الذي يوجد في كل المجتمعات بصورة تكاد أن تكون مكررة.

وللكاتب قدرة على الوصف في خلق أحداث تبدو فيها المفارقة بين المعنيين المتضادين، أو المختلفين، على أقل تقدير، وهي تمثل إضاءة لمشاهد متباينة تأخذ أحيانا من الواقع الراهن بكل مآسيه وإخفاقاته وإحباطاته، وهو مثلا في “اعتقال واعتقاد” يقدّم قصة فيها من الغرائب والعجائب الكثير: “وهل يجرؤ أحد على قتل الثعبان؟ كلا. ليسلأنّ من يرتادون المقبرة يخافون من اللسع، فأغلبهم يلسعون غيرهم بألسنتهم أكثر من الثعابين وأوجع، ولكنهم يخشون الثعبان لأنه من عالم الغيب-على حد اعتقادهم- كي يعتقل صاحب القبر ويأخذه إلى الجحيم جزاء ما اقترفت يداه في الدنيا”.

وهذا الكاتب سعيد بودبوز يعترف بأنّ القصة القصيرة هي مجاله المفضل والأثير إلى نفسه، وهو في هذه المجموعة التي بين يدي القارئ يقدم نفسه كصوت مختلف- وهذه هي الغاية من الإبداع، فقد سئمت القراء من الأصوات المتشابهة والمكررة، وتلك التي جاءت في المرتبة الأولى للحسن باكور من المغرب لينضما إلى إسماعيل غزالي الذي فاز بالدورة الأولى لجائزة الطيب صالح، وإلى هشام بن الشاوي، وإلى عز الدين التازي الذي فاز في الدورة الرابعة للجائزة، وإلى قافلة من المبدعين في المغرب العربي الكبير الذي قدّم تجارب فذّة في حقل الكتابة السردية من خلال هذه الجائزة وغيرها من الجوائز العربية.

 

—————————————————-

* هذه الورقة عبارة عن تقديم وضعه الأستاذ مجذوب عيدروس لمجموعة “”ثور وثورة القصصية”، وهو تقرير أيضاً يبيّن فيه الأستاذ عيدروس الأسس التي استند عليها في ترشيح هذه المجموعة القصصية للفوز بجائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكاتبي خلال الدورة السابعة سنة 2017.