اساتذة الجامعة اللبنانية أسوأ من اللصوص وصغار الخاطفين!
عباس صالح*
ما الفرق بين عصابة تخطف شخصاً واحداً بهدف ابتزاز أهله وعائلته وذويه ومطالبتهم بدفع فدية مالية لإطلاقه ؟ وبين قطاع اساتذة جامعيين يختطفون جيلاً بأكمله في عمر الورد يصبو لصنع حياة كريمة ويعدُّ ساعاتها بالدقائق والأيام ليتخرج وينتشر في بلاد الله باحثاً عن لقمة عيش حلال، يأكل بعضاً منها بعرق جبينه، والبعض الآخر يسدده لخزينة الدولة اللبنانية “المفخوتة” والمتهالكة والمرهقة جراء تكبدها فوق ما تطيق لتسدد لقطاعاتها العامة ما لا يستحقون من رواتب ومخصصات، ليست خيالية فحسب، بل تفوق الخيال واقعاً، ومنها بل أبرزها قطاع الاساتذة الجامعيين وغيرهم من القطاعات المحشوة بالازلام والمحاسيب والمدبِّجين، ورُّواد البلاط…وكتَّابِهٍ.
هل هناك من يتبرع بتبيان الفارق بين هؤلاء الأساتذة الخاطفين لأجيال بكاملها تفوق ال75 الف طالب جامعي وأولئك اللصوص الخاطفين لشخص للهدف نفسه وهو الابتزاز المالي، على ان يحترم عقولنا في مقاربته تلك ويبين لنا فعلياً أي من هذين الطرفين هو الأسوأ؟
شخصياً، أنا لم أجد بعد، الفارق بين لص خسيس، يخطف بعض ابناء الطبقات الغنية ليفاوض على تركهم مقابل فدية محددة، وبين أساتذة جامعة عريقة كالجامعة اللبنانية يمارسون لصوصيتهم علناً وعلى رؤوس الاشهاد، بأخذهم حوالى ال75 ألف طالب رهينة مطالبتهم لدولة تشبههم تماماً في الابتزاز هي أيضاً، علماً أن مطالبهم قائمة على الشبهة، والتحذيرات الاستباقية، وبالتالي فإنها تعد مبادرة نحو اقتراف جريمة بحق الاجيال التي لا حول لها ولا قوة، وهي فعل، وليست في أي حال من الأحوال رد على فعل أتى من الحكومة ، حتى الآن على الأقل!
انها الجريمة بذاتها وهي جريمة مكتملة العناصر، والتي تؤكد بما لا يقبل الجدل، ان أساتذة الجامعات ارتضوا دور صغار المجرمين من السراق واللصوص والخاطفين، ولا سيما عندما يتاجرون بالطلاب الضحايا ويجبرونهم على مشاركتهم بالاضراب معهم، ويصطحبونهم الى ساحة رياض الصلح ليحتجوا ايضاً ويطالبون بعدم المس بالتقديمات والمزايا المالية الممنوحة لاساتذتهم الذين بدورهم لا يخجلون من التهديد بالاطاحة بالعام الدراسي الجامعي، وهو ما يعني فعليا التهديد باحراق سنة كاملة من عمر جيل النخبة اللبنانية من الفقراء ومتوسطي الحال الذين لا يطيقون تحمل الجامعات الخاصة وأقساطها النارية.
أما السؤال الذي يلح بطرح نفسه في هذا المقام ، هو كيف لهؤلاء الاساتذة الخاطفين ان يهددوا بإحراق العام الدراسي ل75 ألف طالب في الجامعة اللبنانية وحدها ولا يجرؤون على التهديد بضرب العام الدراسي في الجامعات الخاصة علماً أن غالبيتهم ممن يحاضرون في جامعات أخرى رديفة للجامعة الأم، حتى انهم لا يتقاضون منها نصف ما يتقاضون من اللبنانية من رواتب ومخصصات وامتيازات!!.
وبمعزل عن تحليل النوايا وما وراء النوايا في هذا الاضراب لأساتذة الجامعة اللبنانية الذي فاق كل حدود المنطق، وتجاوز كل مسلمات العقل الانساني، والذي يبدو أنه محظي بغطاء كبير جداً من أركان الدولة الكبار، فقد بات من الواجب على الجميع مسؤولين وأساتذة لملمة فضيحتهم المدوية والعودة الي مقاعد الدراسة والتعويض على الطلاب بساعات وايام وشهور اضافية . وإلا فأنه لم يعد من سبيل الا بتعليق المشانق لكل من يبتز أجيال اللبنانيين، واصدار الاحكام على المبتزين بالخيانة العظمى لوظيفتهم ولوطنهم ولابنائه معاً، والإ فإن المقاربات الرحيمة جداً للتعاطي مع هكذا ملف هي الطرد الجماعي، بلا أي حقوق، لكل من أضرب ويستمر في الاضراب. ويستتبع بزج كل من يحكي بهم او يتوسط لهم في السجن فوراً مهما علا كعبه والمقام.
هكذا نفهم الدولة…. ومن هنا نشرع في بناء وطن.
من قال ان “الديكتاتور” العادل ليس حلاً ، في مثل هذه الحالات؟.
————————-
*كاتب وصحافي