اختيار يحيى السنوار رئيساً ل “حماس” تعني سقوط مقبولية الحلول الوسط

 

بِقَلَم العميد منذر الايوبي*

أربعون الف شهيد اختاروا يحيى السنوار قائدآ ورئيسآ لحركة حماس، ولد ابو إبراهيم بتاريخ السابع من تشرين 2023 يوم هَزَّ علو وغلو جيش باستخباراته واجهزته الامنية ظن قادته يومآ انه لا يقهر؛ الرسالة واضحة للعدو والصديق استمرارية المقاومة، صلابة الحركة في بنيتها العسكرية وهيكليتها السياسية، هذا ما أثبته عامل الوقت بعد استشهاد اسماعيل هنية، اذ ان اجماع أعضاء المكتب السياسي ومجلس الشورى في سرعة ملء الفراغ يعني وحدة الحركة وإدراكها لطبيعة المرحلة والمخاطر التي تواجهها، كما يمثل صفعة كبيرة وقاسية لنتنياهو وقادة الاحتلال..!

تاليآ، صدمة الاختيار دولية اقليمية ستنعكس نتائجها سواء على مستقبل القطاع كما القضية الفلسطينية على حد سواء، بات القرار بيد الذراع العسكري للحركة وفصائل المقاومة الإسلامية عن حق وقناعة.. منسوب الخطر الوجودي على اسرائيل سيزداد، لن تنفع استراتيجية حرب الإبادة والأرض المحروقة التي يرتكبها جيش الصهاينة في خلاص او نجاة.. انى لترسانة السلاح والَمَدَد الاميركي اللوجستي والدعم القتالي الالكتروني والسياسي من كسر إرادة المقاومة وطرد الاحتلال فالعين تقاوم المخرز والرؤية ثاقبة..!

في السياق، كما قبل عملية طوفان الأقصى البطولية غير ما بعدها مرحلة متجددة من النضال رغم كل المآسي والدمار، اذ عادت فلسطين إلى واجهة الكوكب؛ كذلك فإن قيادة السنوار للحركة تختلف عن قيادة الشهيد اسماعيل هنية ليس انتفاصآ من الأخير بكل مميزاته وصفاته السياسية والقيادية، لكن مواجهة شخص من طراز “سفاح” والتفاوض مع أركانه على طاولة مرنة المساحة رهان قاتل على نصل ساطوره..!
من هذه المنطلقات، فُرِض على العدو التعاطي مع رجل مقاتل صلب الارادة اثبت خلال عشرة اشهر ان شجرة النضال وان تكسرت أغصانها فوق الارض لكن جذورها محصنة ثابتة نضرة في انفاق ما تحتها.. لا غرابة ان رأينا يومآ مدير الشاباك رونين بار وفريقه التفاوضي حول طاولة من ركام في معبر نتساريم يتفاوضون مع محمد الضيف وابو عبيدة على ملفات تبدأ بهدنة ولا تنتهي بإعادة الأعمار ورفع الحصار عن غزة وفتح المعابر..!
بين الصرامة والواقعية فرض السنوار متغيرا جديدا في مسار الحرب ليس اقله ضعضعة وارباك قادة الكيان بعد ان دفنت جلسات التفاوض الخادعة الحائرة بين الدوحة والقاهرة.. لا جدلية في المواجهة ولو باللحم الحي، ما ينفذه مقاتلي المقاومة مِن عمليات قتالية تستنزف قوى العدو وتصفر جدوى تأثير ضخامة القوى المدرعة وفرق المشاة تأتي مِن منطلق عقيدة ثبات إيماني لا انفعالي..!

في مختصر القراءات وتقدير الموقف؛ من انفاق غزة يقود المعركة (رجل الظل) عَلى ما يلقب وفي ترؤسه المكتب السياسي براغماتية تعتمد عَلى رؤيته واجندته القائمة إيديولوجيآ عَلى التزام استراتيجية الحركة ومواقفها المتشددة مِن مستقبل الصراع.. اضافة الى ترسيخ موقعه القيادي وموقع الحركة المتقدم عن السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية..
-نِتاج اكثر فاعلية لتنسيق ضروري بين الجناحين العسكري والسياسي.. مع ثابتتين لا مساومة عَلى نزع سلاح المقاومة كما لا سيادة للقطاع دون سيطرة حماس..
-انتكاسة اضافية لمسار تطبيع العلاقات بين بعض الدول العربية والكيان المحتل وتهميش لما يَعتبره العدو المحور الفلسطيني المعتدل..
-غضب يسود الشارع الاسرائيلي في لبه “ان فشل نتنياهو منذ عملية طوفان الاقصى في تحقيق ما اعلن مِن القضاء عَلى حركة حماس وتحرير الاسرى ساهم في تعزيز وتقوية السنوار”..!

في نهاية المطاف ومن منطلق فلسفي “لا يمكن تحول الوجود الى اللا وجود” 75 عامآ والشعب الفلسطيني يثبت ان فناءه امر غير ممكن.. في صيرورة -The Happening- الحياة التغيير سُنَةٌ، “لا شيء في هذا العالم ثابت عَدا التغيير” على ما يقول الفيلسوف اليوناني (هرقليطس).. ترهل الحرس القديم للفصائل الفلسطينية وفقد الكثير من رجالاته.. سقطت مقبولية “الحلول الوسط” وبرز جيل جديد مِن الشباب تربى في مدرسة كتائب القسام والجهاد الاسلامي يؤمن ان المقاومة ببعديها السياسي والعسكري وسيلة وحيدة انها النهج والسلوك والعقيدة الى ان تتحقق غاية التحرير..!

*عميد متقاعد،كاتِب وباحث
طرابلس في 09.08.2024