إدانة حادثة جونية واجب .. لكنها جاءت متأخرة..

بقلم : عباس صالح

من واجب كل لبناني حرّ أن يرفض ويدين المشاهد المصورة التي وزعت، على انها تعرض لشبان من الحراك في جونية وحولها..

لكن من البديهي أن نسأل في المقابل، كل جوقة الردح والاستنكار، من السياسيين وسواهم، والذين بتنا نسمع اليوم صرخاتهم المحذرة من العواقب والتداعيات التي تترتب عن تلك الافعال الرعناء التي تهدد السلم الاهلي: أين كنتم منذ ١٧ تشرين اول وحتى الليلة الماضية ؟ هل كنتم متوارين في كهوف صمَّاء، لم تسمع ولم ترَ كل ما حصل من تعسف وبلطجة وزعرنة واعتداء مباشر على كل الناس بدون استثناء في كل المناطق، والتي أدت في بعض محطاتها الى القتل العلني؟؟

أين كنتم حين استبيح لبنان من أقصاه إلى أقصاه، وكرامات بنيه قاطبة، على كل الطرقات العامة وعلى أيدي أرذل وأنجس خلق الله؟

لم نكُ قد سمعنا أصواتكم من قبل تعلو وخاصة حيال ما حذرناكم منه مراراً، من أن الشارع يوقظ الشوارع الاخرى، وان البلطجة لا تأتي الا بمثلها، وان لعبة الزعرنة والاعتداءات على الآمنين هي لعبة قذرة وسهلة في آن، وان الكل يجيدها، فلا تستفزوا جماهير الفرقاء الآخرين، لمجابهتكم بمثل ما اعتديتم.

كم صرخ فيكم الشرفاء، أن أوقفوا اللعبة الخطرة، باعتبارها سيفاً ذا حدين، يجرحكم كما تجرحون به تماماً، وربما بما هو أكثر إيلاماً، لكنكم لم تسمعوا، ولم تديروا سوى الاذن الطرشاء لكل النداءات الحريصة على ديمومة الصيغة والوطن.

من هذا المنطلق نسمع صرخاتكم اليوم تعلو بالشجب والادانة والاستنكار، وتقديم الصورة وكأنها منفصلة تماماً عما حدث ويحدث منذ حوالى ٥ أشهر على طرقات لبنان!!. ولذلك نعيد الكرَّةَ اليوم على مسامعكم:

في هذا الوطن يا سادة الكل أُذِّلَ والكل أُهين.. حتى الابرياء والآمنين والمحترمين من الناس الذين يمرون على الشوارع بعضهم قُتِلَ، وبعضهم تعرض لمحاولات قتل، والبعض ضُرِبَ وبعضهم تحطمت ارزاقه ومحاله التجارية وحافلاته وسياراته وسواها، لا لشيء إلا لأن مؤسسات الدولة المعنية اتخذت جانب الحياد، والتدخل الموضعي في بعض الاماكن والبقع المحدودة! وسط صمتكم القاتل، إن لم نقل تشجيعكم الذي اتخذ أشكالاً مفضوحة في بعض الاحيان!.

ومن هنا يا سادة، نرى انه لزاماً عليكم اليوم ان تستمروا بصمتكم، او ان تطلقوا صرخاتكم الرافضة لكل ما جرى في كل الامكنة وعلى كل طرقات لبنان، على مدار شهور الازمة وأيامها السوداء، وصولاً الى ما جرى ليل امس في جونية. وإلا فإنكم تدركون جيداً، ان أفعل العلاجات للأمراض الفتاكة على مستوى الوطن، غالباً ما يكون من جنسها.

اصمتوا.. فالصمت بمثل هذه الحالات، أجدى..