أعطِ ألقوسَ باريهَا ..!
بِقَلَم ألعَميد مُنْذِر ألأيوبي*
لا تزال كرة نار ألأزمة تتقاذفها أقدام اللاعبين المحليين كل منهم يخشى دخولها مرماه في حين أن لا منتصر فَألخسارة من نصيب الجميع و هذا ما يحصل ؛ ألوطن يترنح ؛ الجمهور يتسيد الساحات والشوارع في تصميم لافت على إنهاء المباراة لصالحه جراء قصور ألأداء و انعدام ألإرادة أما الحكام ألعرب أو ألإقليميين و ألدوليين فغير مقتنعين كما أن قِسمآ منهم لم يعد مباليآ بألفريق أو بألكابتن
إذ أن جُلَ ما يَهُم هو عدم تهديد ألأمن و ألإستِقرار ..!
من هذا ألتوصيف البسيط تبدو فصول ألمشهدية متلاحقة تُرفع ألستارة تارة لسراب حلول مزعومة
ثم تُسدل على خيالات تتراقص لشخصيات تحاور تناور تجادل تبحث عن جنس ألملائكة في حين أن جهنم باتت أقرب إلى واقع ألشَعب من برزخ ألإنتِظار ..
ألإنتحار أصبح أمرآ عاديآ لا تهتز له أجفان ؛ إحتجاز أموال المودعين في فلسفة ألحِفاظ على ألسيولة قاعدة لا خجل منها ، صوت ألإنتفاضة الشعبية لا يزال يلعلع في ألأرجاء يصم ألآذان لكن ألصمم عَمَّ ألجميع فجدران القصور عازلة تعمل آليآ وفق نسب ألضجيج Noise Ratio و زجاجها الداكن حاجب للعبة و ألرؤية ..!
55 يومآ أو يزيد أللامبالاة فيها هروب الى الإمام ؛ مرض نفسي جديد شرد عن بال “غيفارا” ينخر عظم ألنظام “رهاب ألشَعب” أو ألتظاهرات Phobia Of Manifestations”.! إنكفاء ألسلطة عن أي دور ..
ألساسة يجترون أنفسهم ، ينظرون إلى ألشاشات غير مصدقين ، يراهنون على سُقوط ألحراك ثم يقولون ما لا يفعلون : حرق أسماء ، أنواع حكومات مفترضة ألنوع و أللون حكومة تكنوقراط ، أو أخرى مطعمة بسياسيين “تكنوسياسية” و ثالثة من مستقلين و هكذا ..
70 عامآ أو يزيد يدور حجر ألرحى في فراغ ألوقت يعصر ألناس و هم لم يعودوا آبهين عيونهم تلمع
و حناجرهم تصدح عناوينهم تختلف : طوفان ألمجاري ، حرائق ، تلوث ، نفايات ، غلاء معيشة ، أرتفاع أسعارٍ و أقساط ، بطالة ، ديون مستحقة ، إلخ… إذن إسقاط ألجميع ..! كيف يمكن ألتوفيق بين معاناة شعب و خلاف زعماءه على ألكراسي و ألمراكز ..؟ يقول لطفي بوشناق في إحدى أغانيه ألوطنية :
“خذوا ألمناصب و ألمكاسب لكن خلولي ألوطن”..!
من جهة أخرى ، كما مؤتمر “سيدر” Cedre يتلاشى ظله بعامل ألوقت ألضائع و ألمريب كذلك قراراته ألإصلاحية ألمفروضة التي إرتقب ألمانحين و ألممولين و ألدول ألداعمة إنجازها طويت قبل أن يجف حبرها .. أما زوار ألبَلَد ألإقليميين و ألدوليين من (بومبيو – فيلتمان – شنينكر – فارنو – كوبيش .. إلخ) فجميعهم بعد خروجهم من ثلاثي ألقصور تباعآ يبدون إرتياحهم !! يشجعون على تشكيل حكومة !! يسمعون نفس ألكلام و ألمقاربات !! أدركوا و فهموا أن هنالك مَثَلَآ لبنانيآ عاميآ يقول “دق ألمَي مَي”..!
تَوازيآ ، فإن إنعقاد إجتماع مجموعة ألدعم ألدولية للبنان غدآ في باريس بدعوة من ألرئيس ألفرنسي إيمانويل ماكرون و إن كان سيؤكد إلتزام ألمجتمع ألدولي بدعم ألإقتصاد أللبناني فهو سيجدد أيضآ ألشروط ألمطلوب تنفيذها من حكومة فاعلة تحمل رؤية إنقاذية تشكل سريعآ ألأمر ألذي يسمح بألإفراج عن ألمساعدات ألموعودة ؛ بألمقابل فإن ما سيزيد ألطين بلة هو ضعف مشاركة لبنان و حال ألمراوحة ألقاتلة في ظل ألوضع أللبناني آلداخلي ألدقيق و ألخانق مما يجعل ألبيان ألختامي مجرد صرخة في وادٍ “فالج لا تعالج”..!
في سياق متصل ، لم يكن ألإستنساخ ألجيني لقادة ألأوليغارشية ألجدد موفقآ أو ثورويآ تغييريآ بألحد إلأدنى ، إذ راوحت ألأمور مكانها ، لا بل أتى دورهم خجولآ بعيدآ عن ألتجديد في ألأداء ألسياسي دون بصمة مختلفة عن مُوَرثيهم مما زاد ألإحباط في نفوس ألعامة ..!
في خضم ألأزمة ألمستفحلة و ألإفلاس ألمحقق بدا ألنظام ألتوافقي “ألطائفي نسبة لإتفاق ألطائف” ألطوائفي ألبنيان بدرجاته أل 18 “عدد ألمذاهب” فاشلآ عاقرآ عن تجديد نفسه و تطوير ألدَولَة ..!
و بدل أنَ تكثف ألحكومة ألمستقيلة من إجتماعاتها إحترامآ لساكني ألساحات و شباب ألوحدة ألوطنية على ألأقل فتعمل على إنشاء خلية أزمة و تعلن حال طوارىء إقتصادية و مالية تبدأ ألمعالجات ألطارئة و يكون في أولى مهامها كبح جماح إهتراء ألدولة و اجهزتها و مؤسساتها ، فوجيء اللبنانيون أنَ لا أمل في شيء ، إذ “تكسرت ألنِصالُ على ألنِصالِ” ..! ألفرص تضيع واحدة تلو أخرى ، ألرعاة لم يَرعَووا باتوا في مكان آخر كما أموالهم ألتي كُدِست في جزر ألنعيم ألضريبي فَ “على من ستقرأ مزاميرك سيد ماكرون”؟
يقول “فيودور دوسنويفسكي” : ألشَعب في الوجع ليس بسبب الخيبات و لكنلتوقعه بأنهم الأفضل ..! لقد خيبتم آمال ألشَعب ألعظيم فتنحوا حبآ به على ألأقل و لو تصنعآ ؛ دَعوه يبحث ليعطِ ألقوس بَاريها إن عَثَر .. عَن ألشاعر ألجاهلي ألحَطيئةيَقول :
(يا بَاريَ القَوسِ بَريَآ لَستَ تُحسِنَها … لاتُفسِدَنَها و أعطِ القَوسَ بَاريها)..!
بيروت في 10.12.2019
*باحث في ألشؤون ألأمنية و ألإستراتيجية