أسطورة حصان طروادة ورمزيته: الخديعة الكبرى التي استخدمها الاغريق لتدمير المدينة
بقلم : دانيا يوسف
أسطورة لم ينساها التاريخ مهما مر الزمن “اسطورة حصان طروادة”. وطروادة هي مدينة تقع في اسيا الصغرى يحكى أنها بنيت بواسطة اله البحر وابولو اله الشعر والفنون ما جعلها مدينة منيعة يصعب الدخول اليها.
تعددت الاساطير حول قيام حرب طروادة وحصارها. فهناك من يقول ان اسباب الحرب ترجع الى ان ابن ملك طروادة “باريس” قام بخطف هيلين ملكة أسبرطة وهي ايضا زوجة منيلاوس شقيق أجاممنون بن أتريوس. يقال ان هناك عرافا تنبا لملك طروادة بأنه سيولد له ولدين احدهم هكتور والاخر باريس وهذا الأخير سيكون السبب في دمار طروادة. فقام أبوه بإعطائه لخادمة لكي تربيه في الجبل ويصبح راعيا للاغنام. وفي الجبل كانت الآلهة الاثني عشر على اختلاف، وازداد الخلاف بينهم بسبب ثري طروادة.
وذات يوم تشاجرت الآلهة هيرا وأفروديت وأثينا حول من هي الاجمل بينهن وقمن بتحكيم باريس في هذا الاختلاف. فطلبن منه ان يعطي التفاحة للأجمل منهن وكل منهن قدمت له عرضا مقابل اختيارها. هيرا قدمت له السلطة وآثينا قدمت له الحكمة والمجد اما أفروديت فوعدته انها سوف تقدم له أجمل نساء العالم، فاعطى لها التفاحة وأغضب بذلك هيرا وآثينا.
وبالفعل حققت أفروديت لباريس ما وعدته به فعادت به الى طروادة ومكنته من ان يعيش وسط اهله في القصر الحاكم. ابتهج الجمبع لعودة باريس ما عدا أخته “كاساندرا” التي رفضت عودته خوفا من كلام العراف ولكن لم ينصت اليها احد.
بات الامير باريس ينتظر وعد أفروديت له. وجاء وقت الوعد حين ذهب مع اخيه هيكتور الى اسبرطة حيث وجد اجمل نساء العالم “هيلين” وكانت زوجة “منيلاوس”. واحبته هيلين وقررت الفرار معه الى طروادة تاركة زوجها منيلاوس ملك أسبرطة. وهنا ثار الإغريق لشرفهم وقرروا اعلان الحرب على طروادة. فماذا حدث أثناء معركة طروادة؟
استمرت الحرب لمدة عشر سنوات وكل من شارك فيها كانت له اهدافه الخاصة. وكان من بين هؤلاء محارب قوي يدعى “اخيل” جاء الى هذه المعركة مع اعز اصدقائه “باتروكلس” لكي يكتب اسمه في التاريخ.
اخيل كان من اشهر المحاربين وامهرهم ولكن اثناء الحرب وقعت كريسيس ابنة ملك المدينة اسيرة لدى شقيق ملك اسبرطة. ورفض اخيل ان يستكمل الحرب اذا بقيت الفتاة أسيرة وعندما دار القتال بين الجيشين جاء اليه باتروكلس وطلب اليه ان يشارك في المعركة لأن الاغريق على وشك الهزيمة فرفض. عندها اخد باتروكلس درعه وعربته لكي يرفع من الروح المعنوية للجنود وعند وصول باتروكلس قاتله هيكتور معتقدا انه اخيل وقتله.
وعندما علم آخيل بذلك أراد الثار لصديقه فذهب بعربته ودرعه الى هكتور وقتله وربط جثمانه في العربة ورفض تقديم جثمانه لابيه لتكريمه. لكن في النهاية استطاع باريس أن يثأر لأخيه هيكتور ويقتل آخيل بالرغم من قوته عن طريق سهم أصابه في عقبه الذي كان نقطة ضعفه الوحيدة حسب الاسطورة.
بعد حصار دام عشر سنوات ، ابتكر الإغريق حيلة بأن صنعوا حصانا خشبيا ضخما يختبئ بداخله المحاربين الإغريق وقائدهم أوديسيوس. والجزء المتبقي من الجيش يتظاهر باليأس والاستسلام. وذات يوم، وجد الطرواديون جنودا واقعين على الارض كأنهم اصيبوا بلعنة ابولو او بالطاعون تاركين حصانا خشبيا كبيرا جدا. وبالفعل قبل الطرواديون الحصان على أنه عرض سلام ومنهم من قال انه هدية من الاله ابولو.
وقد اقنع الجاسوس الإغريقي “سينون” الطرواديين بأن الحصان هدية. ولم يقتنع كل من لوكون عرّاف المدينة وكاساندرا وهيلين بدخول هذا الحصان لطروادة وطالبوا بفحصه اولا ولكن لم يسمع لهم احد. واحتفل الطرواديون بهزيمة الاغريق وادخلوا الحصان الخشبي الضخم الى وسط المدينة.
وفي الليل خرج منه الجيوش ودمروا طروادة واحرقوها بالكامل بعد ان فتحوا ابوابها الى المحاربين الاغريق الذين تظاهروا بالرحيل. وانتهت طروادة وسقطت في يد الاغريق الذين دمروها وحرقوها وقتلوا النساء والاطفال والرجال بلا رحمة.
أسطورة حصان طروادة تحمل رمزيّة رائعة، وهي تعيدنا إلى ماض بعيد كانت فيه الرموز مرتبطة ارتباطا وثيقا بسعي الإنسان للبقاء على قيد الحياة. فالحصان هو رمز للحرب، لكنه بنفس الوقت نموذج أصيل لقدرة الإنسان على الابتكار وعلى التدمير. كان حصان طروادة الوسيلة المثلى لحسم نزاع ملحميّ طويل أدّى في النهاية إلى القضاء على حضارة. وعلى الرغم من أن هذه القصّة منشؤها التاريخ القديم، إلا أننا ما نزال إلى اليوم نستخدمها في لغة الخطاب اليومي. وعندما نطلق على شيء ما “حصان طروادة”، فإننا نعني أنه حسن المظهر ولكنّه ينطوي على نيّة شريرة بداخله.
وقد يكون حصان طروادة شخصا أو جماعة ما تحاول الإطاحة بشركة أو بلد أو حكومة من الداخل. كما يمكن أن يُطلق هذا الوصف على مجموعة مخرّبة أو جهاز يتمّ دسّه داخل صفوف العدو، أو على هديّة تُقدّم إلى شخص ما بنيّة الخداع وإيقاع الضرر.