قصة قصيرة
دانيا يوسف
(الفقرة الثانية)
رحلت عني ولم ترحل مني… أو لأقل كلانا احترف الرحيل بقدر ما احترفنا الاحتراق! أنا فراشتك وكنت الضوء الذي يغويني لأحترق أكثر.
سألتك قبل الرحيل: هل كانت حكايتنا عادية حتى ينتهي الحديث عنها بنقطة على آخر السطر؟ فأجابني الموج الأزرق الذي يسكن عينيك: بعض تفاصيل حكايتنا لا يكفيها عمرا واحدا لأن ثمة عمر من الأغنيات يحضر كلما ذكرناها.
-لم ترحل اذا؟ ألا يقولون: اذا حاولت أن تنسى شخصا بالقوة يظلّ بذات القوة راسخا في ذاكرتك؟
-ربما هكذا أطوّع نفسي وأحرضها على نسيانك…
-وكيف وجدت بعدك عني؟
-إنه يشبه غروب الروح عن إشراقها… كأنه الموت. أنت أمنيتي التي أتعاطاها كالمخدّر. لهذا قررت الإقلاع عن هذا الإدمان.
يليق بك الغياب دائما وأنت الواثق أنك حاضر دوما! يكفي ذكر اسمك لتهجم بعض الأحاسيس كالفرح النادر، كرجل العيد المحمّل بالحلوى والفرح. يكفي أن تكون أنت لتعيش تفاصيل الحكاية بين ثنايا القلب كالمدفأة نلجأ اليها كلما أصابنا البرد فتبث فينا كل الدفء والشوق والحنين. ارحل اذا وسأبقى أتنفسك حلما فهل مَن يحاسبني على نعمة الحلم! سأتمسك بالحكاية كما يمسك الطفل بثوب أمه قبل أن يذوي العمر، قبل أن يخبو الشوق، قبل أن يستكين الجنون، قبل أن تموت اللهفة ويسكت الشغف. سأعيش الحكاية برغم رحيلك لأنها كانت لي ذات عمر الحياة بأجمل ألوانها!