جاسوس أسقط أمبراطورية ..
بقلم العميد منذر الايوبي*
سُقوط ألحَجر ألأول من جِدار برلين ألفاصِل بينَ ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية عام 1989 كانَ مُؤشِر ألإنتِصار ،، ألقِصَة بَدأت خِلال فَترة ألحَرب ألبارِدة بَين ألإتحاد ألسوفياتي و ألولايات ألمُتحدة ألأميركية ، حَيث تَمكَن جِهاز المُخابرات الأمريكية CIA مِن تَطويع أحَد ضُباط ألمخابرات ألسوفياتية KGB لِلعَمَل لِصالِحهِ ،، لَم يَخضَع ألضابِط xy “ألجاسوس” ألمَذكور لِدورات تَدريبية على مَهام ألتَجَسُس كَما لَم يُطلَب مِنه أيَة عَمَليَة قَد تُعرِضَه لِلخَطَر ،، لَم يُرسِل بَرقيَة واحِدَة بِحِبرٍ سِري أو “ميكروفيلم” أو فَك نُظُم ألشيفرات و إرسالَها لِمُشَغِليه ،، كَما لَم يُجَنِد خَلايا نائمَة لِزَرع ألفِتَن
أو تَنفيذ إغتيالات ..كانَ لِلَرجُل مُهِمَة واحِدَة ،، إختِراق المُجتَمع الروسي و ألتَسَلُل داخِل القيادة السوفيتية ليُصبِح مِن أركانِها حائِزَآ ثِقَتَها ، و مَع مُرور الوَقت إرتَقى في وَظيفَته و إستَطاع خِلال ثَلاثَة عُقود مِن الحَرب البارِدَة أن يَقضي على إمبراطوريَة السوفيات ..!
كَيْفَ ذَلك ؟؟
مِن خِلال ألمَنصِب ألَذي تَولاه ، كانَ xy يَختار لِمَلء ألمَراكِز ألشاغِرَة في جِسم ألدَولة أردَأ ألعَناصِر ، ألأقَل كَفاءةً ، ألأكْثَر غَباءً و الأسوأ خُلقآ ،، فإذا تَقدَمَ عَشرة موظفين مَثَلَآ لِشغل وَظيفة مَا “مَصنَع، جَامِعة، إدارَة رَسميَة أو مؤسَسة عَامَة ..!” فَمَن يَنال ألمَركَز هوَ كَمَن سَلفَ ذِكرَهُ ..
بِمُرور الوَقت تَحوَلَ ألإتِحاد السوفيتى إلى دَولَة مُهيَأة لِلإنهيار السَريع و جاهِزَة لِلسُقوط إذ عَمَّ ألفَساد و ألرَشوَة و قَرارات ألحكومة ألغَبيَة ، لَم تَكُن أمريكا في حَاجَة إلى حَربٍ يَذهَب ضَحيَتها المَلايين مِن الطَرَفين تَكَفَل شَخصٌ واحِدٌ بِسريَة و هُدوء في إسقاط آلدَولة .. كان xy سِلاحَآ أمضَى مْن أيَ سِلاح وجاسوسآ من أخطَر الجواسيس ، هُوَ مَن أسقَطَ إمبراطورية السوفيت النَوويَة بِكُل بَساطَة ..
عِندَما بَدَأ ألإتحاد ألسوفياتي بِألإنهيار ، الرئيس الأمريكي الأسبَق ريتشارد نيكسون عَلَقَ قائِلَآ :
” لَقَد إستغرقنا ألأمر وَقتَآ طَويلَآ لَكِنَنا حَقَقنا نَصرَآ دونَ حربٍ و بِشَخصٍ واحَد”..
“مائير داغان” ألرئيس رَقم 10 لِجهاز إستخبارات ألعَدو “ألموساد” ،، وُلِدَ في قِطار بين سيبيريا و بولندا في أربعينيات ألقَرن ألماضي ،، وَصَفَ أهَم إستراتيجيات عَمَله بِألتالي : “إن ألسَعي لإختراق ألمَواقِع و ألمَناصِب ألسياسيَة، ألأمنيَة و ألإقتصاديَة لِبيئَةٍ عَدوَةٍ بِألتَزامُن مع تَصعيد التَوَتُر الطائِفي و تَغذيَة ألفَسَاد ألأخلاقي و ألإجتماعي ،، يُعَزِز حالَة ألإنقِسام وَ ألإهتِراء في ألدَولَة ألعَميقَة و يُصيبَها بألتَخَلُف و ألوَهْن و بِألتالي ألسُقوط “..
ألدَرسُ وَ ألعِبرَة ،، تَلافيَآ لِلغَوصِ أكثَر ،، إنَ أمضَى سِلاحٍ لِسُقوط ألدَولة هوَ ما حَصَلَ وَ يَحصَل في وَطَننا مِن فَساد و نَهب ألمَال ألعام ، من إنعِدامِ ألثِقَة بِألنِظام ألمَالي و ألمَصْرِفي ، مِن ألتَخَلي عَن ألمُحاسَبَة ، مِن ألتَطاوُل على ألمؤسَسات وَ ألقَضاء “ألضَمانة” وَ تَسْميم مَواقِعِه بِتَعييناتٍ لِأشخاصٍ مُرتَهَنين ، مِن تَلاشي ألعَدالَة ألإجتماعيَة وَ تَجَذُر ألطائفيَة وَ ألمَذهبيَة ألخ … نَحنُ لَسْنَا مُهَيأين لِلسُقوط رُبَما سَقَطنا فِعلَآ ،، و لا نَدري كَيْفَ ألخُروج “ألمُعجِزَة “.
هَل مِن xy بَيَننا ؟؟
أَحَد ألضُباط ألقادَّة ألمُتَقاعِدين قَالَ لي يَوْمَآ :
أنه يَرى مَلامِح xy في كَثيرٍ مِنَ ألوُجوه ..
*عَميد ، كاتِب وَ بَاحِث .