المُندَسُّون .. !
بقلم ألعَميد منذر ألأيوبي*
يتسمرون أمام ألشاشات كل ليل وصباح يشاهدون بأم ألعين خراب ألمدينة وإنتهاك صورتها ألحضارية وناسها ألآمنين ، هؤلاء الذين نزلوا إلى الشوارع والساحات منذ بدء ألإنتفاضة بعفوية وسلمية ووعي واضح إنكفأ ألأوادم أو كادوا أما من بَقي منهم صامدآ يشارك في التظاهرات والاحتجاجات فقد أصبح رهينة ألمندسين وعملاء ألأجهزة ألغربية على تعددها ..
هي ألإنتفاضة ألشعبية ، ألحِراك ، أو ألثورة ، أهلها من شعب متألم لا أبعاد إيديولوجية أو حزبية أو طائفية لديهم ، هم يواجهون تلك ألطبقة ألأوليغارشية ألحاكمة و المتحكمة بمقدرات ألبلد ذات ألوجه ألديماغوجي Demagogic ألبشع ألخارج عن كل منطق و ألبعيد عن أي حياء .. هُم أهل ألأرض وبحرها و ماؤها والسماء مطالبهم وطنية محقة ، معيشية على ألدولة واجبة وسياسية صادقة .. في أهدافها فُسحَة طموحة لدورة حُكم جديدة و جيل جديد خارج عن كل إقطاع بعيد عن أي مال وتوريث ، مثقف راقٍ لم تفسده شعارات ألأرض ، مؤمن بسموح ألأديان لا بتطرفها كما بمدنية ألحياة دون إبتذال ..
هذا بإختصار ما يريده ألناس بكل بساطة و مشروعية وإنتماء وطني .. أما حراكهم فهو أولآ إحترام لذاتهم ألمكبوتة على مدى سنوات وتاليآ تعلقآ بوطنهم ألرائع حبآ وتضحية وأمل في سبيل أبنائهم وألأجيال ..!
تفلت ألمندسين وألمأجورين بينهم خرقوا صفوفهم وها هم يحاولون سرقة ثورتهم ؛ هؤلاء ألذين يرجمون ألقِوى ألأمنية بحجارة ألشياطين ويشعلون دواليب أبي لهب تبت يداه .. أتَى أداء قوى ألأمن ردة فعل على إعتداءات صارخة وإن تجاوزت المقبول أو ألمعقول أحيانآ، لكنها بلا شك من ألعصاة وأزلام ألطغاة أمر مرغوب و يَبقى ألجيش ألوطني ضمانة مهما حاولوا إستدراجه أو إستهدافه بسهام ألنقد و ألتجريح ..
أليس من ألمؤلم أن تفصل وحدات ألجيش بين القوى ألأمنية و ألمتظاهرين ؟ ثم أليس مؤلمآ ان نرى شباننا ينطفئ نور الله في عيونهم وفي أجسادهم أوشام غائرة لطلقات مطاطية عشواء ..؟
ألحزن طغى على ألساحات ، ألغازات و ألدموع باتت تنافس رائحة ألنفايات، نزف مميت مؤشر إهتراء و تآمر ألدلائل خطيرة إن إستمرت ألأمور بألتفاقم ، حذار مِما يَجري !! يستطيبه أعداء ألوطن و عَليه يشجعون ثم يراهنون ، يؤدون سيناريو مسرحية غزوة ألأشرفية عام 2006 بنصوص ألحَرب ألأهلية ، إنَ دروا مصيبة و إن لم يدروا مصيبة أعظم ..!
تأليف ألحُكومَة بَاتَ أمرآ ملحآ وأكثر من ضَرورَةً وتسهيل أمرها فرض عينٍ واجب وطني ، بِها يبدأ ألإنصراف إلى معالجة شؤون الناس و إنقاذ ألبلد لَيسَ أقله أعلان حالة طوارىء إقتصادية واجتماعية إنقاذية ..
تخريب ألممتلكات ألعامة دليل تسلل المندسين يقاربون ألإنغماسيين ، يستغلون نظافة ألتحركات لإفشالها
و إظهارها غوغائية رعناء .. إطلاق ألشعارات ألطائفية عار ما بعده عار أما الشتم فلديهم عادة وشعار ..!
على ألخط ألأحمر طَريق ألجنون ؛ تصفية ألحسابات في ألسياسة حافتها مصلحة ألشَعب والوطن عند تجاوزها تُصبِح ألقضية خيانة ..! ألحقد ألمدجج بألكره خطيئة و ألفَ خطيئة إذا كان على ألبلد و بشره و ألبنيان ..؟
في معجم أللغة ألعَرَبيَة يشتق من “ألمُندَس” كلمة “دَاسَ” و مَن داسَ على ألشيء هو من مشى فوقه ؛ هم ألغوغاء يدوسون على ثرى ألوطن ألأكرم و على طهارة مباديء و شباب ألإنتفاضة .. وإذا قيل داس فلانآ فلان فهذا يعني عامله بإزدراء وإحتقار “لا أدوس من هو دُوني ولا أحسدُ من هو فوقي” ..!
أخيرآ ؛ تعامُل ألأمن مع ألمتظاهرين لا يحكمه ألعقل و تكتيكات ألمجابهة ألمستمدة من كراسات دورات حِفظُ ألأمن و ألنظام ، هنالك ما يمكنك أن تكتسب فيه قلب ألمتظاهر بألحكمة و ألصبر و بعض ألتعاطف .. أفرغوا مماشط بنادقكم رفاقي من كرات ألعنف ألمطاطي و عمموا في كل فوهة وردة لكل محتج مناضل ، ستجدون ألفرق عندها ، فترتاح ألحجارة ..! و إذ لم يحدث في ألتاريخ أي تغيير اجتماعي جذري و حقيقي دون ثورة إلا أن ألثورة ليست بألعنف فقط بل هي فكر و عمل و لنا في “نيلسون مانديلا” و ثورته أعظم مثال ..
بيروت في 20.01.2020
*عميد،كاتب و باحث.