السؤال عن الحقيقة
بِقَلَم ألعَميد مُنذِر ألأيوبي*
بين مرحلة إحتواء “Containment” ألوباء ألمستجد “كورونا” ثم إنتشاره وصعوبة إحتواء الوضع المالي والنقدي و كلاهما متماثلان في جرم القتل ألمرتَكَب و ألمُرتَقَب يجد المواطن اللبناني نفسه بين دائين فاعلين أحلاهما مُرٌ إذ لا مناص منهما و إن أراد ..
على دأب معتاد أسرجت هامات الفساد أعنة مالها صوب جنات ضريبية تركت للقوم فتاتآ مرتهنآ قصدآ بأيدي مؤسسات هشة سقطت بألضربة ألقاضية على قارعة أول إستحقاق متواطئة ضمن دائرة مغلقة على إستدانة حصيفة خادعة من صنف ألدَين الغير مشروع ألجائر Odious Debt تقاسمه كومبارس ألدولة ألعميقة ألفاشلة ..!
أُعلِنت التعبئة العامة في وجه ألجائحة تحت شعار “خليك بألبيت” حقنآ لأعداد الضحايا و ألمصابين لكن معادلة ألمقارنة و التفضيل بين ألسيء و ألأسوء ظَهَرَت خيطآ رماديآ غالبآ فَتسيد ألتململ و إزداد التفلت “سعيآ في مناكبها” بحثآ عن رزق و لو في عمق جبال ألأرض على توكل من لطف ألباري في وجه توقع نتائج غير محمودة عواقبها .. و رغم إزدواجية ألتهديد بألقتل أتى التبرير لصالح كبح جماح ألأسوأ ألتاجي “كورونا” و تُرِكَ ألمواطنين على هاوية ألا مفر من جوع كافر كَ خيول جامحة بين مراسٍ تغرق من أمام و برية تحترق من وراء أما الدموع فعالقة في المحاجر ..
في ألسؤال عن الحقيقة ،، لا حُجُب هي واضحة كعين شمس ألظهيرة ، في نسق جلي أصبح أهل البلد بين فكي كماشة إذ فتحوا عيونهم على مشكلات متراكمة مع معضلتين ألصحة في مكافحة COVID 19 و ألمدخرات ألمسلوبة ، و إذا كانت المعضلة الأولى تتفاعل معها الحكومة و وزارة ألصحة بأداء متميز فألثانية من التعقيد و صعوبة المعالجة لها حيز كبير ، إذ أن سمعة لبنان السيئة في الحضيض يتردد صداها في كل المحافل و المؤتمرات فسادآ و نهبآ و إفقار لم تعد ظاهرةً بحاجة لبرهان أما التصميم على منهجية صارمة للخلاص فتتطلب أكفاء ذوي جرأة للمنازلة عليهم يبنى الكثير إن قاربوا الفوز العظيم ..
في الوعي الباطن للإنسان تطل مسألة الوجود مرتبطة بمفهوم ألزمان Aristo ألارتباط جوهري بين كلاهما ، و من منطلق مقاربة عشوائية أو ضحلة مفيدة مشتقة من مدرسة فلسفية هامة فإن وجودية الإنسان اللبناني لطالما كانت مرتبطةً بألزمن ألرديء مراحل تتوالى على مدار مئة عام من إستعمار و إحتلال ، حروب أهلية ، خصومات و عداوات مذهبية أو طائفية في مجملها على الساكنين الصامدين مفروضة لا مختارة .. حتى في وجودية “ألمكان ألكيان” الجغرافيا فالبحر من أمام ، عدو لدود محتل في ألخاصرة و نوائب جار عزيز من شرق و شمال ..
وجد الناس أنفسهم في مرحلة من “التحطيم الفينومونلوجي” Phenomenological breakdown “تحطيم الظواهر” إذ تلاشت أو تكاد ظاهرة كالمعجزة اللبنانية ألفذة كما سقطت ألقناعة في المصارف ألأيقونة درة تاج الاقتصاد ، حتى القوانين و القرارات ، ألمراسيم و ألتعاميم ظواهر أسقطت شعبيآ في معظمها بعد تحيز في التطبيق و إنتقائية التنفيذ أصبحت في ألوعي و اللاوعي فكرة متجذرة أنها حبر على ورق أو قادرة قابضة على من (لا ظهر له) بألعامية اللبنانية ..
ما هو قاتل أليوم ليس “الكورونا” فقط !! و لا الوضع المادي الاقتصادي المزري و المجاعة التي تطرق الأبواب ، بل إدراك أهل البلد الحقيقة بعد خداع مستمر و هو “جريمة متمادية” انهم باتوا في الدِرك ألأسفل من الوجود الوطني في زمن كوكب متهالك .. قد سقط ألسؤال عن الحقيقة ..
بيروت في 11.04.2020