بقلم العميد منذر الأيوبي *
خفت وهج إنتفاضة 17 تشرين الشعبية وانكفأ المواطنين على خلفية أسباب شتى إذ تمكنت جبهة مشتركة مؤلفة من بعض احزاب أو منظمات وأجهزة منهم المتضرر من المطالب المحقة ، بعضهم قلق من إرتكابات أقدم عليها مرغمآ أو قصدآ وطمعآ و قسم آخر إستشرف أن الطاولة ستنقلب على الجميع بما يمس جوهر الاستقرار السياسي المصطنع والممسوك على الصعيدين المحلي والإقليمي المتكفل بإستمرارية حال المراوحة المطلوبة ورقة إبتزاز أو مساومة على حساب الوطن الجريح والشعب المنهك اليائس ..!
بالتزامن إرتدى تاجه مكللاً ملكاً على العالم الفيروس ألتاجي “كورونا” ثم انطلق ليحكم الكوكب مرغمآ الجميع دولآ وشعوباً على الرضوخ تحت ظلال ألضحايا البريئة متخذآ قراره انهم جميعآ تحت نصل ألمقصلة سواسية أمامه كأسنان المشط الواحد لا فرق عنده بين غني أو فقير أو بين عرق وآخر دون تمييز بين طائفة أو مذهب أو قبيلة ..!
وصل الوباء إلى هذا اللبنان ذو الحظ التعيس سواء على صعيد تموضعه الجيوسياسي الإقليمي أو على مستوى حكام وإدارات بقدها وقديدها طغت وتجبرت وأغتنت، و إذ حاول أهل البلد تحمل ما لا تحتمله الجبال مرهقين ممن ظلم وأفسد وشرد في تهشيم الوطن مؤسسات بادت وبيئة في عذريتها هتكت ومجتمع في عاداته وتقاليده و خلقياته عاثت فيه ألأوليغارشية الطبقية خرابآ فهم على صبرهم لا يزالون، وعلى جمرهم قابضون ..!
أما شريحة ممن إؤتمن على رفعة البلاد وشأن العباد فَأهمل ألأمانة ان لم نقل خانها دون أن يخشى إنهيارآ تامآ متوقعآ مديرآ ظهره ميممآ وجهه شطر أوروبا والجنات الضريبية “من بعده ما ينبت حشيش” على قول المثل – في أنانية يقينية انها قد تنقذه من السفينة الغارقة ..
بدأت ملامح الإصابات والعدوى تزداد عددآ وتتوسع إنتشارآ ، وكانت إستبقت تلك التي أستودعت أموال الناس وتعبهم تنفيذ عملية السطو المنظم على ألمدخرات تحت عناوين وخطط ولجان شتى بالتساوي في القسمة بين أعضاء مجلس إدارة أل 1% ..! و إذ وصلت حكومة من عمرها الشهرين برئاسة رئيس الحكومة حسان دياب إلى سدة المسؤولية سواء بإرادة أفرقاء أو رغمآ عن آخرين لكن في واجبها الجوهر المطلوب إنقاذ البلد وانتشاله من البؤرة القعر ..!
تمكن الرئيس دياب ومازال في رحلة الجهاد الأكبر وفي ظل تجاذب سياسي معتاد مصرآ على الانتصار في معركة الإنقاذ رغم توالي السهام عليه من الاقربين والابعدين الذين لا ولم يقيموا وزنآ لآلام ألناس ألإحتماعية والمعيشية ثم في همهم الوبائي المستجد .. يرجمونه كل يوم بحجارة صوانية سوداء كأنه المرتكب منذ بدأ ألتكوين، و بغض النظر عن الهنات ألهينات و ألأخطاء المحتملة من بعض الوزراء تلك الحمالة الأوجه فإن ما تم حتى لا نقول تحقق حتى ألآن في خضم تحديات إضافية فرضت نفسها فَالثابت القطعي أن الاداء عقلاني في القرار (عدم دفع مستحقات ألأوروبوند)، إنساني في التوجه (المساعدة المالية) التي لا تسمن للأسر الفقيرة والعاطلين عن العمل لكنها تغني عن جوع، جريء في مقاومة الأخطبوط القابض على عنق الوطن مع مراعاة هامش توافق لا مناص منه في بلد التسويات الطائفية والكانتونية أو القبائلية متميزآ في عمله بصمت دؤوب عابرآ إن إستطاع حقل الألغام ألقاتل و”إنما ألأعمال بألنيات” ..!
اليوم يقف الفيروس التاجي على خط التماس مهددآ ، كائن قاتل لا يمكن مواجهته بالحديد والنار ، لا مفر من التصدي له بالإمكانات المتوفرة وباللحم الحي، أما منطق المواجهة فيفترض جبهة موحدة على المستوى الوطني مترفعة عن ضغائن ومصالح ومكتسبات لهذا الفريق أو ذاك مع رهان خاسر سلفآ على عودة المرتكبين عن غيهم طوعآ وإعادة الاموال المنهوبة أو إستعادة التحويلات ألتي هربت من المصارف إلى الخارج ولو بلبوس شرعي لكن لا أخلاقي لا بل يشكل أساسآ مساسآ بالامن القومي طالما أنه هز الاستقرار المالي والنقدي، وتسبب في رفع سعر العملات الاجنبية بشكل جنوني، وهدم الثقة بالنظام المصرفي ككل ..!
بإنتظار عودة اللبنانيين مصابين أم أصحاء فان حضن الوطن لهم بالانتظار وجدال العودة والأحقية ، مَن ومِن والمزايدة الشعبوية نظريات لا مفعول لها ، إذ أن محاسبة الحكومة يكون عند فشلها في وضع الخطة الملائمة والإخفاق في تنفيذها بالتساوي مع ضمان جدية وصحة الإجراءات الطبية حفظآ لسلامة المقيمين والعائدين ..
مما لا شك فيه أن وسائل ألإعلام ساهمت ولا تزال في التوعية والتحذير من الخطر المحدق ، كما أن ما تقوم به على تعددها من حملات تبرع ودعم أمر محمود وواجب وطني على أمل وقف آلإشتباك ألكلامي فيما بينها والاتهامات ألمتبادلة فجرح الوطن ملتهب بما يكفي ..
ختامآ ، لا مديحآ وإن كان مستحقآ فإن نساءً ورجالآ عاهدوا الله وضميرهم، مرتدين الأبيض الناصع هم أساس مواجهة هذا “الكورون” وهم على ما ظهر كانوا لها، من أهم وأجدر منهم هؤلاء أصحاب النفوس ألطيبة النقية المضحية دون منة أن ننحني أمامهم لهم كل الاحترام والتقدير ..!
—————-
بيروت في 01.04.2020
