اقلبوا الراية …
بِقَلَم ألعَميد مُنْذِر ألأيوبي *
أربعة مواطنين لبنانيين غادروا مرقد ألعنزة إنتحارآ خلال 48 ساعة عَلى سبب بات معتادا معروفآ معممآ وقاتلآ الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة ، هو الجوع والفقر الذي عم الكثير الكثير مِن الشرائح الاجتماعية موظفين وعمال واصحاب مهن يُعتاش منها إناء الليل و اطراف النهار ..!
تزامنآ ؛ لَم نشاهد مسؤولآ يحضر جنازة لأحدهم أو يعزي بهم أو يرمش جفن مِن جفنيه أو ترتجف ألأهداب ، لَم يصدر تعليق أو رثاء أو كلمة تأبين كما لَم تؤد لهم تشريفات او مراسم الموت والنشيد ولا مِن يحزنون .. مضى شهداء ألعوز ألمخبوز بعرق الكرامة كل الى مثواه بصمت صراخ ألأبناء وألأنبياء في أودية الوطن ألمحترق ألموات هؤلاء ومعظم أهل البلد لَم تمتد أيديهم لتسرق او تسطو في غفلة ليل بهيم هالهم أنهم يذبحون وهُم أحياء فأختاروا الرحيل “لَيسَ كُفرآ لكن الجوع كافر” أما شياطين ألكفر في مراسم العهر فحاضرة سواء في المراقص والعلب أم عَلى الشاشات التي ملت وكفرت بهم أيضآ ..!
إلتزامآ لَم ينكس العلم Half-Mast لهاماتهم لا إحترامآ ولا حزنآ انه متشح بالسواد ألمرفرف على ريح عاصفة من صوت أنين المظلومين المرفوع عَلى سواري المراكز الحكومية والقصور الحاكمة المتحكمة برقاب البلاد والعباد تلك الطبقة التي تحرمهم نور الكهرباء والرغيف أولئك ألأوليغارش الذين افترسوا أموالهم ولَم يمسحوا أنيابهم مِن الدماء ..! دفنوا وغدآ سيعودون لن تطوى صفحة أخرى وإن ظنوا ..!
إستطرادآ ؛ عَلى سبيل أخذ العلم لمتربعي العروش فإن “تنكيس العلم” هو خفضه مِن عَلى السارية الى المنتصف تقريبآ رمزآ للإحترام والحزن على عدد أيام الحِداد المحددة وِفقآ لقياس مرتبة الشخص في الحياة الدنيوية بثلاثة أيام أو سبعة أو أربعين أما أمام الديان فالجميع سواسية كأسنان المشط الواحد ..! في المراجعة التاريخية فقد بدأ تقليد “تنكيس العلم” في القرن السابع عشر عَلى قناعة أو فكرة إفساح المجال أمام “علم الموت غير المرئي” ليعلو السارية ويرفرف فوقه ..!
مِن جهة أُخرى ؛ يعتبر رفع علم الدولة بالمقلوب Flag Upside Down -Desecration نوعآ من انواع التمرد أو الاعتراض اذا تم ذلك من الشعب لِعَلَمِ دولته ؛ و قد ترفع دولة ما علمآ مقلوبآ لدولة اخرى كإعلان لمعاداتها و مِن أحَد الاسباب أيضآ إستِخدام رفع العلم مقلوبآ للتنبيه على عدم الاقتراب أو زيارة دولة معينة متفشى بها احد الامراض أو ألأوبئة القاتلة قديما كالطاعون و السل و غيره مِن ألأوبئة ..!
ألمخرج ألأميركي Paul Haggis في فيلم أخرجه عام 2008 بعنوان In The Valley Of Elah أدان فيه الحرب عَلى العراق مظهرآ بشاعتها و أضرارها النفسية عَلى الجنود الاميركيين و أُسَرِهم ؛ و إذ بدأ الفيلم برفع العلم الاميركي مقلوبآ في بلد اصبح ساحة خلفية للصراعات الاقليمية إنتهى ايضا برفعه بالمقلوب دليلآ عَلى ان العراق مِن المناطق المنكوبة في العالم و «الكثير من البلدان في الوطن العربي حري بها ان تقلب اعلامها» اليوم مع ألأسَف ..
في سياق مُتَصل ؛ ألشَعب اللبناني يستغيث مِن إفراط مفجع في جوع و قهر لَم يعتاده مع حصار مفروض حيث الوطن يتحول الى رماد متفحم تفوح منه رائحة كريهة ، مسرح مغلق للاعبين قادة فقط مِن طراز “ألماريونيت” Marionette مع تطور في الجهد الاستخباراتي Évolution of Intelligence Effort لاجهزة
مِن آخر طراز في سعي دؤوب لتآمر واضح متوائم مع تعارض أو تناقض لأحاسيس غير مكتملة او نهائية للدمى المتحركة قائمة عَلى إنتماء غير أصيل عقيدة التزام مُرغِم تتجلى عَلى خشبته وطنية ممتزجة بكراهية بائنة بين حاكم و محكوم دون خيوط وصل أخلاقي نقي ..!
توازيآ ؛ بعد كل ما ادمى القلوب و ما زال يدميها إقرار إرادي عن إقتناع و رضى غير معيوب بأن العلم اللبناني هو رمز الكَيان و الهوية ينسدل عَلى اكتاف الناس مِن أبناء و بنات 17 تشرين 2019 يلفون به رؤوسهم و الاعناق أقرب ما يكون الى القلب و العين في تناغم رائع بين مطالب محقة وحدة و شموخ و كبرياء وطني .. تاليآ عندما يرفع علمنا بألوانه الثلاث فهذا يعني رفع رؤوس أبناء ألأمة او ألشعب بكامله الى العلى و الطموح الى البذل و العطاء به تلغى كل الالوان و تسقط ألأصوات أللاهجة طائفيآ و مذهبيآ ألتي ما فتأت تبرر عادات ألشطارة في الاستزلام و الفساد كما التمزق و الضعف و الشتات ..!
خِتامَآ ؛ صورة لا تزال مطبوعة في رؤى و ذاكرة ألأجيال عندما ركع وزير الدفاع اللبناني في حينه الامير مجيد ارسلان رحمه الله مقبلآ العلم اللبناني ؛ هو لَم يركع لقطعة قماش بَل أمام كرامة الوطن كان يقبل عين كل مواطن و جبين كل جندي و ضريح كل شهيد .. ألأمير الشهم الخصال هو مؤسس الجيش اللبناني مع اللواء فؤاد شهاب مؤسس الدولة الحديثة القائل “لَيسَ في الجيش ضابط صغير و ضابط كبير إنما شهيد و مشروع شهيد” ..!
العلم اليوم مقلوبآ ؛ هكذا يشاهده جميع الناس و لو أنكر أو كره الظالمون الذين ينكرون و يمكرون لا يدرون
الى اي منقلب ساعون ؛ أما الوعود بمنجزات الحكومة عل فارغ الصبر المنتظر ان تحققت ف ألثورة أو الحراك كفيل بأن يستعيد العلم خفاقآ بوضعيته الصحيحة .. ألأرزة بألمقلوب دامعة ترثي علي الهق و رفاقه عَلى أمَل ألا ترثي شعبآ بكامله ..! أما للجنود ألأحبة فنقول دعوا لهم (الماريونيت) وجبة اللحم يكفينا القسم بمعناه : “حضنتك بإسم الله يا وطني”..!
بيروت في 06.07.2020